dimanche 28 octobre 2012

الثورة التونسية في تجلّيّاتها الدستورية المبحث الأول -المرحلة الانتقاليّة الأولى (14 جانفي 2011-16 ديسمبر 2011)-




تعتبر الثورة، من جانب التحليل القانوني، حدثا استثنائيّا خارقا للإطار الدستوري القائم في دولة معيّنة، وتكون نتائجه إما منحصرة في الإطاحة بالسلط العاملة في ظلّ هذا الدستور، أو محتوية على النظام الدستوري  بأكمله،  فمؤدّية إلى إبطاله ثمّ تعويضه بنظام دستوري جديد. فالعبرة في الثورة تتمثّل في انبثاق شرعيّة المستقبل من ظاهرة  "اللاشرعيّة". فإذا سلّمنا، على المستوى الاجتماعي  العام، بأنّ الثورة "لا تخضع للمعايير العقلانيّة السياسيّة العاديّة"، مستمدّة هويّتها من منطق الانفجار -أو منطق البركان[1]- فمن باب أولى أن تكون هذه الحقيقة مسيطرة في المجال القانوني.  و لهذا السبب قرّر بعض المنظّرين المنتمين إلى المدرسة الوضعيّة أو الكلسانيّة أنّ الظاهرة الثوريّة  لا تدخل أصلا في التحليل القانوني.

وحتى إن كان مفعول الثورة واضحا بالنسبة للشرعيّة الدستوريّة بخرق أحكامها أو بإبطالها الكلّي، فلا يمكن له أن يبطل المنظومة التشريعية بأكملها، فتبقى هذه  سارية المفعول، ما عدا ما ينسخ أو ينقّح من نصوصها. فالثورة تأتي أساسا على النظام الدستوري بأثر أقوى بكثير من الذي تأتي به على النظام التشريعي.  ففي الثورات، غالبا ما يهلك النظام الدستوري، جزئيّا أو كليّا، و ينجو النظام التشريعي بمؤسساته، باستثناء ما أبطل أو نقّح منه مثلما وقع في بلادنا.

وتشكّل الثورة لحظة تاريخيّة ثقيلة الوزن،عميقة الأثر، تمتاز بأنها رسالة فاصلة وقاطعة في تداعياتها السياسية والقانونية، و لكنّها مجرّد لحظة. يعني ذلك أنها سريعة الأمد، تمتدّ تجليّاتها السلميّة أو العنفيّة، من مظاهرات واعتصامات و مواجهات وصدمات ، على أيام معدودات ذات صبغة "انقلابية"، إلى غاية سقوط النظام القائم. فإذا تحقّق ذلك، تنتهي لحظة الثورة الأولى وحينئذ وبحكم الضرورة، لا بدّ من التحوّل إلى "إجراء" انتقالي مؤقت يدفع بالشأن السياسي إلى إيجاد حلّ نهائي للأزمة. ويتمثّل هذا الحلّ في إرساء منوال إجرائي آخر، قد  يكون انتخاب سلطة نيابيّة أو رئاسيّة جديدة في ظلّ الدستور النافذ، و قد يكون استفتاء شعبيّا على مشروع دستور جديد، وقد يكون إجراء تأسيسيّا يهدف الى وضع دستور جديد من قبل هيكل تأسيسي تمثيلي معيّن أو منتخب  بعد المرور بفترة انتقاليّة تكون فيها الحياة الدستوريّة قائمة على تدابير تنظيميّة إنشائيّة، مبنيّة على الوفاق السياسي، دون سند دستوري سابق. و هذا ما نطلق عليه في هذا المقال  تسميّة "القانون الدستوري الاستثنائي".

و في جميع هذه الصور ينهي هذا الإجراء مرحلة الوضع الاستثنائي والانتقالي ويعود بالأمور إلى وضع اعتيادي متميّز بالدوام و الاستقرار في ظلّ مؤسسات دستورية جديدة و دائمة.

لقد اندلعت الثورة التونسية فيما بين 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011، وكانت نتيجتها الأولى فرار الرئيس المستبد. وحيث كان هذا الرئيس يحتكر الاختصاصات الأساسية من الناحية السياسية، بل أيضا من الناحية الدستورية، فبسقوطه، سقط جزء هام  من النظام،وهو الجزء القيادي، مما أدّى إلى تعويضه بجزء آخر  جديد.

وفي هذا السياق، نلاحظ أّنّ الثورة التونسيّة واجهت مفارقات عديدة. تمثّلت أولاها في التضارب بين المشروعيّة الثوريّة كرسالة بلا جهاز قيادي مصاحب لها مباشرة وبين منطق النظام والمؤسسات الانتقاليّة السياسيّة-الإداريّة القائمة و المنتميّة إلى النظام القديم و التي كان من المفروض عليها أن تتماها مع الثورة، رغم أنّها ليست منها بل إنّها معاديّة لها. و قد برزت هذه المفارقة في مناسبات عديدة،  كما سنبيّنه في ما بعد[2]. أمّا الثانيّة فقد تبلورت في البون الشاسع بين "شعب الثورة" و "شعب الانتخابات"[3]، الأول رافعا شعارات ثورة دنيويّة ودولة مدنيّة، دون اعتماد أيّة مرجعيّة دينيّة، والثاني مُنتجا أغلبيّة حزبيّة نيابيّة ذات مرجعيّة دينيّة، شرعيّة وفقهيّة.

تمثّل التجربة التونسيّة، من الناحية التاريخيّة والقانونيّة، حدثا عظيما بقدر ما هو نادر، ذلك أنّها أفرزت إشكال العلاقة بين الثورات والمنظومة القانونيّة القائمة من عدّة جوانب: ما هي آثار الثورة على المنظومة القانونيّة الدستوريّةّ والتشريعيّة القائمة ؟ كيف وبأي قدر تموت هذه الأخيرة و كيف تحيى المنظومة القانونيّة الجديدة ؟  كيف يقع الانتقال من النظام الدستوري المبطل الى النّظام الدستوري المحدث ؟

سوف نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال تحليل المحطّات الأساسية التي مرّت بها الثورة التونسيّة مع استخلاص نتائجها، أوّلا من سقوط النظام الاستبدادي إلى إبطال العمل بدستور1959، مع إبراز آثار الثورة على دستور 1959، ثمّ من خلال التنظيم التّوافقي المؤقّت الأول للسّلط العموميّة ، وانتهاء بالإشكالات التي أحاطت بإعداد الإطار الانتخابي.


القسم الأوّل: آثار الثورة على دستور  
 1959

نعتزم في هذا القسم تحليل الوضع الدستوري إثر سقوط النظام الاستبدادي في 14جانفي2011 ودخول البلاد في فترة دستوريّة استثنائيّة أنشئت أثناءها هيكلة دستوريّة وقتيّة توّجت بالمرسوم عدد 14 المتعلّق بالتنظيم المؤقّت للسلط العموميّة، وتمّ في غضونها إقرار انتخاب مجلس تاسيسي.

◘ فرار بن علي وقضيّة التفويض للوزير الأول

           في نهاية مساء يوم 14 جانفي 2011، بعد الإعلام عن مغادرة رئيس الجمهورية التراب التّونسي، وبحضور رئيس مجلس النوّاب ورئيس مجلس المستشارين، وفي حالة قصوى من الاضطراب، توجّه الوزير الأول محمد الغنوّشي للشعب التونسي عبر القناة التلفزيّة الوطنيّة بخطاب جاء فيه "طبقا لأحكام الفصل 56 1[4] من الدستور الذي ينصّ على أنّه في صورة التعذر على رئيس الجمهوريّة القيام بمهامه بصفة وقتيّة أن يفوّض سلطاته الى الوزير الأوّل.

واعتبارا للتعذّر على رئيس الجمهوريّة ممارسة مهامه بصفة وقتيّة أتولّى بداية من الآن ممارسة سلطات رئيس الجمهوريّة...".

إبّانها، تعالت الأصوات بتنديد اللجوء إلى هذا الإجراء لسبب بسيط وهو أنّ الفصل 56، المتعلّق بالشغور الوقتي، كان قد يُتوقّع منه رجوع الرئيس السابق وما يمكن أن يؤدّي ذلك من قمع المتظاهرين وازدياد الضحايا، وذلك بقطع النّظر عن إخلاله الإجرائي المتمثّل في عدم اتخاذ أمر من جهة الرئيس السابق، كما أكّده فيما بعد قرار المجلس الدستوري المؤرخ في 15 جانفي2011 . يقـول المجلس فــي حيثيّــات قراره معقّبــا على رسالة الوزيــر الأول الموجّه إليـه :"وحيث اتضح خاصّة من الرسالة المذكورة أن الرئيس زين العابدين بن علي غادر البلاد التونسيّة دون أن يفوّض سلطاته إلى الوزير الأول وفقا لأحكام الفصل 56 من الدستور".

ومن الغدّ، أي السبت 15 جانفي 2011، وبعد التأكيد من غلق الباب إزاء رجوع ممكن للرّئيس الذي بات يسمّى "مخلوعا" تراجعت الحكومة عن موقفها وأعلنت اللجوء إلى الفصل 57 المتعلّق بالشغور النّهائي ووجّهت رسالة في الغرض للمجلس الدستوري.

الإعلان عن حالة الطوارئ

منذ إقدام الشهيد محمد بوعزيزي على إحراق نفسه يوم 17 ديسمبر2011 دخلت البلاد في سلسلة من الأحداث الاحتجاجية ضدّ النظام و جميع رموزه أدّت في النهاية إلى إسقاطه يوم 14 جانقي 2011. وأمام انزلاق هذه الأحداث الاحتجاجية نحو عمليّات قمع بالسلاح النّاري أدّت الى سقوط المئات من الضحايا، ثمّ استغلالها من قبل بعض المنحرفين من النهّابين والسرّاق، تمّ  الإعلان عن حالة الطوارئ يوم 15 جانفي بمقتضى الأمر عدد 184 الذي لم ينشر إلا في منتصف شهر فيفري مع الأمر عدد 185 المؤرخ في 14 فيفري 2011 الممدّد لحالة الطوارئ. وكان الوضع الأمني المتوتّر سبب تعطيل استعمال الإجراءات الدستوريّة العاديّة التي كان من شأنها أن تؤطّر تنظيم انتخابات رئاسيّة لتعويض الرئيس السابق.  

الشّغور النّهائي لرئاسة الجمهوريّة والرجوع إلى الفصل 57.

         طُبّـقت هذه المرّة إجراءات الفصل 57 من الدستور[5] واجتمع المجلس الدستوري فورا يوم 15 جانفي 2011 لإقرار الشغور النهائي لرئاسة الجمهوريّة. وفي قراره، المتّسم بالصبغة الإلزامية، اعتبر المجلس أنّ "المغادرة تمّت في الظروف القائمة بالبلاد، وبعد الإعلان عن حالة الطوارئ، و...إن غياب رئيس الجمهوريّة بهذه الصورة يحول دون القيام بما تقتضيه موجبات مهامه، وهو ما يمثّل حالة عجز تام عن ممارسة وظائفه على معنى الفصل 57 من الدستور". وعلى هذا الأساس المادي من الوقائع، ووصفه القانوني بانّه "يمثّل حالة عجز تام..."، أعلن المجلس:

" أولا : الشغور النهائي في منصب رئيس الجمهوريّة.

ثانيا : إنّ الشروط الدستوريّة توفرت لتولي رئيس مجلس النواب فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة".

وعلى هذا الأساس و في نفس اليوم تولّى السيّد فؤاد المبزّع، رئيس مجلس النواب، الرئاسة المؤقّتة الأولى للجمهوريّة. والملاحظ أنّ هذه الرئاسة مؤقتة على معنى الفصل 57 من دستور 1959 و مقيّدة بشروطه الجوهريّة الماديّة و بشروطه الإجرائيّة و الاختصاصية وهي الآتية:

الشروط الجوهريّة : تتمثّل هذه الشروط قي وجود حالة الشغور، وفي عدم إمكانيّة  الترشّح لرئاسة الجمهوريّة من قبل الرئيس المؤقّت.

الشروط الإجرائيّة: تشمل هذه الشروط إقرار الشغور رسميّا عن طريق المجلس الدستوري، والإعلام  بذلك في تصريح موجّه من المجلس الدستوري إلى رئيس مجلس المستشارين ورئيس مجلس النواب، وأخيرا أداء اليمين الدستوريّة أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين الملتئمين معا وعند الاقتضاء أمام مكتبي المجلسين من قبل الرّئيس المؤقت.

أما الشروط الاختصاصية فمنها شروط زمنيّة، حيث يمارس الرئيس المؤقت اختصاصه في حدود أجل  "أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه ستون يوما"، ومنها شروط شخصيّة، وقد جاءت في شكل موانع اختصاصيّة، حيث أنّه لا يحقّ للرئيس المؤقت أن يبادر بممارسة الاستفتاء أو أن ينهي مهام الحكومة أو أن يحلّ مجلس النواب أو أن يلجأ إلى حالة الاستثناء المنصوص عليها بالفصل 46.

تفويض السلطة التشريعية لرئيس الجمهورية والدخول في "القانون الدستوري الاستثنائي"

+ رأي المجلس الدستوري في التفويض

           اجتمع المجلس الدستوري يوم الخميس 3 فيفري2011 للنظر في مشروع قانون التفويض المعروض عليه من قبل رئيس الجمهوريّة فكانت آخر جلساته بمثابة "جلسة وداع" أدّاها للثورة على أحسن وجه، حيث أنه قرّر إن المشروع مطابق للدستور. فصرّح بانّ جميع الشروط متوفّرة، آخذا في اعتباره "متطلّبات المرحلة الانتقاليّة الراهنة". فجاء رأيه على النحو الآتي:

" 8 - وحيث ينص الفصل الأول من المشروع المعروض على المجلس الدستوري أن التفويض المزمع منحه لرئيس الجمهوريّة المؤقت يبتدئ من تاريخ نشر قانون التفويض بالرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة إلى غاية انتهاء مهام رئيس الجمهوريّة المؤقت،

9ــ وحيث يكون بذلك شرط تحديد مدّة التفويض مستوفى على معنى الفصل 28 من الدستور،

10ــ وحيث يستمد كذلك من أحكام الفصل 28 وجوب تعيين الغرض من التفويض المزمع منحه لرئيس الجمهوريّة المؤقت،

11ــ وحيث يضبط الفصل الأول من المشروع المعروض مجالات التفويض التي تشمل العفو العام، وحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة، والنظام الانتخابي، والصحافة، وتنظيم الأحزاب السياسيّة، والجمعيات والمنظمات غير الحكوميّة، ومكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال،وتنمية الاقتصاد، والنهوض الاجتماعي، والماليّة والجباية، والملكيّة، والتربية والثقافة، ومجابهة الكوارث والأخطار، والاتفاقيات الدوليّة المتعلّقة بالتعهدات الماليّة للدولة، والمعاهدات الدوليّة التجاريّة والجبائيّة والاقتصاديّة والاستثماريّة، والمعاهدات الدوليّة المتعلّقة بالعمل وبالمجال الاجتماعي، والمعاهدات الدوليّة ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة،

12ــ وحيث ولئن اتسم مناط مجالات التفويض الممنوح بالتنوع والاتساع فإنّه لا شيء في الدستور يحول دون ذلك طالما أنّه تمّ تعيين الغرض بوجه كاف كما يقتضي ذلك الفصل 28 من الدستور، خاصّة بالنظر إلى متطلبات المرحلة الانتقاليّة الراهنة،

13ــ وحيث يسوغ لرئيس الجمهوريّة المؤقت بالنظر لما تقدّم وبالاستناد إلى قانون التفويض المزمع اتخاذه، أن يتخذ مراسيم في المجالات المعينة وللمدة المذكورة، طالما يتمّ ذلك في كنف احترام الدستور،

14ــ وحيث يتبين تبعا لكلّ ما تقدّم أن مشروع القانون المعروض لا يتعارض مع الدستور وهو ملائم له،..." .  كم في الأمر من عجب !

+ "جلسة وداع" أخرى، تلك التي عقدها مجلس النواب يوم الاثنين 7 فيفري 2011 للتصويت على مشروع قانون يهدف إلى الإذن للرئيس المؤقت باتخاذ مراسيم في مجالات واسعة و مختلفة من المواد الراجعة لاختصاص السلطة التشريعيّة، وذلك طبقا للفصل 28 من الدستور. وهذا التفويض يشكّل في حقيقته تخليا تاما عن السلطة التشريعيّة نظرا لتعدّد المجالات و كثافتها[6]. ونفس السيناريو تكرّر في 9 فيفري  لدى مجلس المستشارين الذي لم يكن له بدّ من أن يتمتّع بدوره ب"جلسة وداع"  كقرينه المتورّط مع النظام السابق، إذعانا للثورة و تسليما لدفعها الجارف. وتبعا لذلك صدر القانون عدد 5 لسنة 2011 المؤرخ في 9 فيفري 2011 و المتعلّق "بالتفويض إلى رئيس الجمهوريّة المؤقت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور"[7] وهو آخر  قانون صدر في عهد الجمهوريّة الأولى.

إنّ هذا الاحتماء بالفصل 28، لم يندرج في إطاره الإجرائي العادي، حيث أنّ جميع   الشروط الواردة بالفصل 28 لم يكن لها أن تتحقّق، خلافا لنصّ الوداع الصادر عن المجلس الدستوري. فالكلّ يعلم أنّ المجلسين كانا على وشك الحلّ ممّا يجعل شرط المصادقة صعبا أو مستحيلا، وأن "الغرض" من التفويض غير محدّد بدقّة كما أسلفنا، على غرار مدّة التفويض التي بقيت مفتوحة. هذا ما لاحظه العديد من المحلّلين المتشبثّين بالمنهاج التقليدي المتعارف عليه لتحليل ألأوضاع الدستوريّة العاديّة، متجاهلين ميزات الفترة، غاضّين الطرف عن خصوصيتها الثوريّة. فهذا اللجوء إلى الفصل 28 يندرج تماما في ما سمّي ب"القانون الدستوري الاستثنائي"، المسيّر بحكم الضرورة، الممهّد للتنظيم المؤقت المقبل للسلط العموميّة والخاضع لمنطق الشرعيّة الثورية وهي في عمقها "شرعيّة لا شرعية" متحرّرة من القيود الإجرائية للنظام الذي ترمي إلى إسقاطه، ناظرة إلى المصلحة العليا للبلاد و هي، في الظروف الاستثنائية المذكورة، أعلى من الدستور. هذا ما أعجز الذين تمسّكوا بحرفيّة الدستور من ذوي الخيال القانوني المحدود، و كأنّ شيئا لم يحدث. فالقانون الدستوري الاستثنائي هنا ليس له صلة بالقانون الدستوري الاستثنائي المؤطّر بالدستور والذي يسمح للسلط العموميّة أن تخرق الأحكام الدستورية بصفة وقتيّة لمعالجة أزمة معيّنة.

المراسيم المتّخذة على أساس الفصل 28 من دستور 1959

              وأوّل ما يتّجه ملاحظته هو ألفرق بين المراسيم المتّخذة على أساس الفصل 28 من دستور 1959، قبل التنظيم المؤقّت للسّلط العموميّة والمراسيم الصادرة بعده. فإن كانت الأولى نابعة عن تفويض من السلطة التشريعيّة إلى التنفيذيّة، فالثّانيّة تمثل ممارسة سلطة تشريعيّة أصلية، و بالتّالي فإنّ المراسيم في هذه الصورة هي قوانين بأتمّ معنى الكلمة.

فالمراسيم الداخلة في تفويض السلطة التشريعية لرئيس الجمهورية على أساس الفصل 28 هي الثلاثة عشر مرسوما المتراوح  صدورها بين 9 فيفري 2011 و 23 مارس 2011 المتميزة بطابعها الفوري والثوري والتحرّري و المتعلّقة بمواد حسّاسة مثل العفو العام[8]، و الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة و السيّاسية[9] وإلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة[10] و إلى البروتوكول الاختياري لاتّفاقيّة مناهضة التعذيب[11]، ثمّ إحداث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة[12] و لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد[13] ولجنة استقصاء الحقائق و التجاوزات خلال الفترة الممتدة من 17 ديسمبر 2010 إلى حين زوال موجبها[14]، و إحداث الهيئة الوطنيّة المستقلّة لإصلاح الإعلام و الاتصال[15].

 ◘ مسار مستقبلي عصيب واختيار انتخاب مجلس تأسيسيّ

             في أواخر فيفري 2011، قبل بضعة أيام من سقوط حكومة الغنوشي، كنا أمام مفترق طرق، يتمثّل في وجوب الاختيار بين أربع سيناريوهات. و قد عرضت هذه السيناريوهات ونوقشت في جلسة مغلقة بقصر قرطاج، يوم الاثنين 21 فيفري2011، بأيّام قبل استقالة الوزير الأول محمد الغنوشي، بحضور عدد قليل من أعلى مسؤولي الدولة. و السيناريوهات الأربعة هي الآتيّة:

 1) تنظيم انتخابات رئاسيّة في نطاق الفصل57 من دستور 1959. إلا أن هذا الوجه بات مستحيل التحقيق في الأجل المنصوص عليه بالفصل نفسه، نظرا لحالة الطوارئ من جهة، و لضرورة إحداث منوال انتخابي يقطع مع سابقيه المزيّفة من جهة أخرى، مما كان يستوجب مدة معقولة تتجاوز بكثير أجل الشهرين. ولهذا السبب كان هذا الافتراض مشفوعا حتما بتمديد المدّة ببضعة أشهر، على أساس القوّة القاهرة والظروف الاستثنائية و حكم الضرورة، لتوفير الوقت المناسب. و قد اقترح رئيس الجمهورية بعد تولّيه الرئاسة المؤقّتة و أمام الأمر المقضي المتعلّق بالتمديد ، ولأسباب شخصية ترجع إلى استعداده الذاتي لممارسة مهامه، أن تقع الانتخابات الرئاسية قبل شهر رمضان، قرابة يوم الأحد 24 جويلية2011.

 2) تنظيم انتخابات رئاسيّة في التاريخ المبيّن أعلاه، متبوعة، إثر عيد الفطر، بانتخابات لمجلس تأسيسي بمبادرة من الرئيس المنتخب و بعد تعليق الدستور   و تنظيم مؤقّت للسلط العموميّة.

3) الإعلان عن استحالة الانتخابات الرئاسيّة في ظلّ الفصل 57 من دستور 1959، و تعليق الدستور إثر مدّة الشهرين المنتهية في 17 مارس 2011، واستصدار نظام مؤقّت مرحلي للسلط العموميّة، ثمّ انتخاب مجلس تأسيسي استجابة لطلب الشارع الملحّ.

4) إعداد مشروع   دستور من قبل لجنة الإصلاح السّياسي وعرضه على الاستفتاء الشعبي من جهة الرئيس المؤقت بعد استشارة القوى السياسيّة.

        بعد مناقشة معمّقة، وتحت ضغط الشارع، المتمثل خاصة في اعتصام قصبة 2، وقع الاتفاق على السيناريو الثّالث في جلسة 21 فيفري2011، و لم يكن للأستاذ الباجي قائد السبسي أدنى دورفي هذا الاختيار، خلافا لما ادعت بعض الصحف[16]. و بعد أيّام تسارعت الأحداث أوّلا بسقوط حكومة الغنوشي، في 27 فيفري، وتسميّة الأستاذ الباجي قائد السبسي وزيرا أوّلا، وثانيا بخطاب 3 مارس2011. في هذا الخطاب أعلن الرّئيس المؤقّت أن "الإصلاح السياسي يحتم إيجاد دستور جديد يعكس إرادة الشعب"، مضيفا أن "الدستور الحالي تجاوزته الأحداث، وأن ما لحقه من تشويه، وأدخلت عليه من تنقيحات، باتت عقبة أمام أي حياة ديمقراطية"، ثمّ دعا إلى انتخاب مجلس وطني تأسيسي في 24 جويلية، معلنا أنه "سيظل في السلطة حتى إجراء انتخابات جديدة"، وإن "المجلس الوطني التأسيسي سيشرف على المرحلة الانتقالية". حظي القرار الرئاسي بقبول الأغلبية الساحقة من  القوى السياسيّة وعيّن الأستاذ الباجي قائد السبسي وزيرا أوّلا، ثمّ وقع الترسيخ القانوني لتعليق دستور 1959 بمقتضى المرسوم عدد14 ل23 مارس 2011 .



من اللجنة العليا للإصلاح السياسي إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة[17]

+ لجنة الإصلاح السياسي.

           أعلن عن بعث لجنة عليا للإصلاح السياسي في خطاب الوزير الأول محمد الغنوشي يوم 17 جانفي2011، بعد لقاء جمع يوم 15 جانفي الوزير الأول و بعض الحقوقيين المعارضين صراحة لنظام بن علي، وهم قلّة، أو من المحايدين غير المنحازين إليه انحيازا لا مشروطا[18]. وكان الهدف من تكوينها إعادة النّظر في المنظومة القانونيّة، وبالخاصة الدستور وكبريات القوانين المؤطّرة للحياة السياسية و الحريّات العموميّة، كي تكون مطابقة للمعايير الديمقراطيّة و دولة القانون. فقام رئيس اللجنة بالمشاورات اللازمة ألأولية لتكوين اللجنة[19]  و التفكير في إطارها القانوني.

 وقد تم في مرحلة أولى إعداد مشروع في شكل أمر رئاسي يحدث هيئة عموميّة مستقلّة ذات طابع استشاري و اقتراحي في مجال الإصلاح السياسي. وفي انتظار إصدار نص إحداثها، بدأت لجنة ألإصلاح السياسي نشاطها بتكوين 5 لجان فرعيّة وتفعيلها في توّها[20]،  ثم بالمشاركة في "الحوار مع شباب اعتصام القصبة"[21]   بتنظيم "منتديات وطنيّة" مرّتين في الأسبوع، لاستماع آراء ممثلي المؤسّسات والهيئات المهنيّة والنقابات والأحزاب والجمعيات. و ذلك ابتداء من يوم 4 فيفري 2011، حيث استقبلت اللجنة العديد من ممثلي هذه المؤسّسات، ما عدا تلك التي رفضت وجود اللجنة مثل الهيئة الوطنيّة للمحامين التي أصدرت بلاغا في المسألة في 29 جانفي 2011 تعتبر فيه "أنّ لجان الإصلاحات السيّاسيّة (هكذا) و تقصّي الحقائق والتجاوزات و مقاومة الفساد والرشوة لا تعبّر عن إرادة الشعب خصوصا انّها أحدثت بقرار من الرئيس المخلوع إضافة لانعدام صلاحياتها وآلياتها الموكولة للسلطة القضائيّة[22] المستقلّة دون سواها". فتلاقت اللجنة مع مؤسّسات قضائيّة مثل المحكمة الإداريّة و دائرة المحاسبات ومع أحزاب مثل حزب التجديد، و حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، والمؤتمر من أجل الجمهوريّة، و حزب العمل الوطني الديمقراطي، والحزب الديمقراطي التقدمي، ومع منظّمات مهنيّة أو من المجتمع المدني مثل النقابة الوطنيّة للصحافيين، والهيئة الوطنيّة للخبراء المحاسبين، والاتحاد العام لطلبة تونس، وجمعيّة التونسيين في الخارج، والجمعيّة التونسيّة للنّساء الديمقراطيّات، والنقابة الوطنيّة للأطباء. كما استقبل رئيس اللجنة وفدا من حزب حركة النهضة و تنقّلت لاستماع الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان في 12 فيفري 2011. و الجدير بالذكر أنّ لجنة الإصلاح السياسي هي التي  ستشكّل فيما بعد "للجنة الخبراء" التابعة للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة.

+المجلس الوطني لحماية الثورة

          ولكن، و في الأثناء، اتفق بعض النّاشطين في مجال مساندة الثورة و المتعاطفين معها[23]، من أحزاب و هيئات و جمعيات و نقابة على تشكيل "مجلس وطني لحماية الثورة"[24] مصدّرين البلاغ الإعلامي الآتي في الحادي عشر من فيفري 2011:

                                     "بــــــلاغ إعلامـــي

التأم اليوم الجمعة 11/02/2011 بمقرّ الهيئة الوطنيّة للمحامين بقصر العدالة بباب بنات تونس اجتماع ضمّ ممثلي الهيئات والأحزاب والجمعيّات والمنظمات الموقعة أسفله.

وقد تدارس الحاضرون المقترحات المتعلّقة بتأسيس هيئة وطنيّة لحماية الثورة وفاءا لدماء الشهداء وانتصارا لطموحات شعبنا وتكريسا لمبادئ ثورته ودرءا لمخاطر الالتفاف عليها واجهاضها وتجنب البلاد الفراغ.

وقد اتفق المشاركون رغم اختلاف مواقفهم من الحكومة الحالية قبولا أو رفضا، على أهميّة تأسيس هذه الهيئة التي أطلق عليها اسم "المجلس الوطني لحماية الثورة" وفقا للمبادئ التالية:

1)      أن تكون لها سلطة تقريريّة وذلك بأن تتولى السهر على اعداد التشريعات المتعلّقة بالفترة الانتقاليّة والمصادقة عليها (إلغاء القوانين المنافية للحريات الخ....)

2)      مراقبة أعمال الحكومة المؤقتة التي تتولّى تصريف الأعمال وإخضاع تسمية المسؤولين في الوظائف السامية لتزكية الهيئة.

3)      إعادة النظر في اللجان التي تمّ تشكيلها من حيث صلاحياتها وتركيبتها حتى تكون حصيلة وفاق على أن يعرض آليّا ما تطرحه من مشاريع على المجلس للتصديق عليها.

4)      اتخاذ المبادرات التي يفرضها الوضع الانتقالي في كلّ المجالات وفي مقدمتها القضاء والإعلام.

5)      تتركب الهيئة من ممثلين عن الأطراف السياسيّة والجمعيّات والمنظمات والهيئات الموقعة أسفله ومن ممثلين عن مختلف الجهات على أن يتمّ ذلك بشكل توافقي.

6)      يصادق على بعث الهيئة بمرسوم يصدره الرئيس المؤقت."

     إلاّ أنّ الحكومة و رئيس الجمهوريّة المؤقت رفضت أن تجاريا  هذا الاتجاه الخطير و أن تصدرا مرسوما في الغرض، كما طولب منهما، لما يحمله من مخاطر على وحدة الدولة، و ذلك مع العلم أنّ بعض الأحزاب والجمعيات، كحزب التجديد والحزب الدّيمقراطي التقدّمي والجمعيّة التونسيّة للنساء الديمقراطيات و النقابة الوطنيّة للصحافيين، رفضت  مبدئيّا هذه المبادرة أو انسحبت منها بعد[25]، لما تحمله من هنات و نقط ضعف و تناقض. 

 فعرضت الحكومة على الشخصيات ألتي تقدّمت بالمشروع أن يلتحقوا بلجنة الإصلاح السياسي وأن يؤلفوا معها هيكلا موحّدا. و قد قام الوزير الأول السيّد محمّد الغنّوشي بدور حاسم و تاريخي في التفاوض مع  أهمّ أعضاء المجلس الوطني لحماية الثورة.

+ مشروع مرسوم لجنة الإصلاح السياسي

             فكان للحدث تأثير مباشر على مشروع تكوين لجنة الإصلاح السياسي، حيث قامت هذه الأخيرة، بالتنسيق مع الوزير الأول محمد الغنّوشي و بإيعاز منه، ،بإعداد مشروع ثان في شكل مرسوم أخذا بالمعطيات الجديدة، ممّا أدّى إلى تحويل اللجنة إلى مؤسّسة مزدوجة الطبيعة، تمثيليّة- فنيّة، متكوّنة من أعضاء نواب و أعضاء خبراء، وإلى توسيعها و تغيير مهامها. و ها هو نصّ مشروع المرسوم.

مرسوم عدد ...لسنة 2011، مؤرخ في ...فيفري 2011 ، يتعلّـق بإحداث اللجنة العليا للإصلاح السياسي

إنّ رئيس الجمهورية،

باقتراح من الوزير الأوّل،

وبعد الاطلاع على القانون 05 لسنة 2011 المؤرّخ في 09 فيفري 2011 المتعلّق بالتفويض إلى رئيس الجمهورية المؤقّت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور.

يصدر المرسوم الآتي نصّه

الفصل الأوّل : تحدث هيئة عمومية مستقلّة تدعى " اللجنة العليا للإصلاح السياسي".

الفصــــــل 2 : تتعهّد اللجنة بدراسة النصوص القانونيّة المتعلّقة بالتنظيم السياسي، ولها أن تقترح إصلاحها ومراجعتها جزئيا أو كلّيا، وعرض صيغ جديدة في الغرض بما يهيّىء الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات حرّة، وديمقراطية، وتعدّدية، وشفّافة، ونزيهة، وعادلة تحقّق الانتقال الديمقراطي للسلطة وفق الإرادة الشعبية.

كما يجوز للّجنة اقتراح اتخاذ ما تراه من إجراءات ملائمة في هذا الإطار.

الفصــل 3 : تعرض اللجنة نتائج أعمالها على رئيس الجمهورية في إحدى الصّيغ التالية :

أ – مشروع مرسوم،ب – مشروع إجراء،ج – توصية.

كما ترفق كلّ منها بتقرير تفسيري يبيّن الأهداف المرسومة، والخيارات المعتمدة، والمواقف المسجّلة، والرّأي النّهائي للّجنة.

الفصل 4 : تتكوّن اللّجنة من أعضاء نوّاب، وأعضاء خبراء.

     أ – الأعضاء النّواب : هم الأعضاء الذين يقع تعيينهم :

-          من بين الشخصيات الوطنية المشهود لها بالكفاءة والنّزاهة والاستقلالية،

-          لتمثيل الأحزاب والحساسيات السياسية، والمنظّمات، والجمعيات المعنية بالشأن العام.

ب – الأعضاء الخبراء : هم الأعضاء الذين يقع تعيينهم من بين المختصّين في القانون العام.

الفصــل 5  : تضمّ اللجنة رئيسا، ونائب رئيس، ومقرّرا عامّا، وهيئة خبراء، ومجلسا.

الفصــل 6 : يتمّ تعيين رئيس اللجنة من بين الشخصيّات الوطنية المشهود لها بالكفاءة في القانون العام، والنّزاهة، والاستقلالية.

الفصل 7 : يسهر رئيس اللّجنة على حسن سير أعمالها وسرّيتها ويتولّى بالخصوص ما يلي :

-          اقتراح تعيين الأعضاء الخبراء،

-          ضبط نصوص القوانين التي تستدعي الدّراسة بغاية الإصلاح والمراجعة،

-          تعميم النّصوص القانونية موضوع الدّرس على الأعضاء،

-          دعوة هيئة الخبراء للانعقاد، ورئاسة جلساتها، وتسيير أشغالها، وتنسيق أعمالها،

-          دعوة المجلس للانعقاد، ورئاسة أشغاله وتنسيق اعماله، وتنظيم النّقاش وختمه، وحفظ نظامه.

-          المحافظة على وثائق اللّجنة،

-          رفع تقارير دورية إلى رئيس الجمهورية حول سير أشغال اللّجنة علاوة على ما جاء بالفصل 3 من هذا المرسوم،

-          السّهر على نشر تقارير اللّجنة،

-          تمثيل اللجنة والتّحدّث باسمها.

-          الفصل 8 :  يجتمع المجلس بدعوة من رئيس اللّجنة في الموعد والمكان المحدّدين له، عند اكتمال النّصاب بحضور الأغلبية المطلقة من الأعضاء.

-          الفصل 9 : تكون اجتماعات كلّ من هيئة الخبراء والمجلس سرّية على أن يقع نشر التقارير الخاصّة بأعمال اللّجنة للعموم.

-          الفصل 10 : تحمل الأعمال المتعلّقة بأعمال اللّجنة بما في ذلك مصاريف تنقّل وإقامة أعضائها على ميزانية رئاسة الجمهورية.

--          +مشروع مرسوم "المجلس الوطني لحماية الثورة"



إلا أنّ " المجلس الوطني لحماية الثورة" بادر هو الآخر بإعداد مشروع مرسوم مطابق للأفكار الواردة في "البلاغ الإعلامي" المشار إليه سابقا، وهذا نصّه:"

مرسوم

يتعلق بإحداث الهيئة العليا لحماية الثورة والانتقال الديمقراطي

إنّ رئيس الجمهورية المؤقت،

باقتراح من الوزير الأول،

بعد الاطلاع على الفصلين 28 و 57 من الدستور،

وعلى القانون عدد 48 لسنة 2004 المؤرخ في 14 جوان 2004 المتعلّق بتنظيم مجلس النواب ومجلس المستشارين وعلاقتهما ببعضهما كما تمّ إتمامه بالقانون الأساسي عدد 32 لسنة 2006 المؤرخ في 22 ماي 2006 وخاصة الفصل 32 منه،

وعلى مجلة المحاسبة العمومية الصادرة بمقتضى القانون عدد 81 لسنة 1973 المؤرخ في 31 ديسمبر 1973 كما تمّ تنقيحها وإتمامها بالنصوص اللاحقة،

وعلى القانون عدد 05 لسنة 2011 المؤرخ في 09 فيفري 2011 المتعلق بالتفويض إلى رئيس الجمهورية المؤقّت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور.

وعلى الأمر عدد 400 لسنة 1969 في 7 نوفمبر 1969 المتعلق بإحداث الوزارة الأولى وضبط وظائف الوزير الأول.

يصدر المرسوم الآتي نصّه :

الفصل الأول : تحدث هيئة عمومية مستقلّة تدعى " الهيئة العليا لحماية الثورة والانتقال الديمقراطي"،

الفصل 2 : تتعهّد الهيئة بالسهر على دراسة النصوص التشريعية ذات العلاقة بالتنظيم السياسي واقتراح الإصلاحات الكفيلة بتجسيم أهداف الثورة بخصوص المسار الديمقراطي، ولها إبداء الرأي بالتنسيق مع الوزير الأول حول نشاط الحكومة،

الفصل 3 : تتكوّن الهيئة من :

-رئيس يتمّ تعيينه بأمر من بين الشخصيات الوطنية المستقلة المشهود لها بالكفاءة في الميدان القانوني والسياسي،

- نائب رئيس يتمّ تعيينه من الشخصيات السياسية ومكونات المجتمع المدني المشاركة في الهيئة،

- مجلس متكوّن من شخصيات سياسية وطنية وممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية والهيئات والمنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني المعنيّة بالشأن الوطني في العاصمة والجهات يتمّ تعيينهم باقتراح من الهياكل المعنيّة، وتتولّى ضبط التوجهات الكفيلة بملاءمة التشاريع المتّصلة بالحياة السياسية بما يتوافق مع متطلبات تحقيق الانتقال الديمقراطي ولها تقييم ما تراه من اقتراحات لضمان استمرارية المرفق العمومي وتجسيم أهداف الثورة ومطالبها،

لجنة خبراء متكونة من أخصائيين لا يقلّ عددهم عن العشرة، تتولّى صياغة مشاريع القوانين وفق التوجّهات التي يتمّ ضبطها من قبل الهيئة،

مقرّر عام، يدوّن أعمال اللجنة في محاضر جلسات يعيّن بناء على اقتراح من الهيئة،

ناطق رسمي باسم الهيئة تختاره هذه الأخيرة بين أعضائها لمدّة محدّدة لضمان التداول،

الفصل 4 : يسهر رئيس الهيئة على حسن سير أعمالها ويدير جلستها ويتولّى حفظ وثائقها ويمثّلها لدى الغير،

الفصل 5 : تتّخذ الهيئة قراراتها بالتوافق وإن تعذّر بالأغلبية ويكون صوت الرئيس مرجّحا عند تساوي الأصوات، ويحضر أعضاء لجنة الخبراء أشغال الهيئة وليس لهم حقّ التصويت،

الفصل 6 : يمكن عند الاقتضاء لرئيس الهيئة بعد استشارتها إحداث لجان فرعية في مواضيع خصوصية تندرج ضمن مشمولاتها،

الفصل 7 : تجتمع الهيئة بدعوة من رئيسها أو من ثلثي أعضائها وتكون مداولاتها سرّية،

الفصل 8 : تحمل المصاريف المتعلّقة بأعمال الهيئة بما في ذلك مصاريف تنقّل وإقامة أعضائها على ميزانية الوزارة الأولى.

الفصل 9 : يرفع رئيس الهيئة العليا لحماية الثورة لرئيس الجمهورية وللوزير الأول آرائها واقتراحاتها وتقريرا حول أشغالها وما أنجزته ضمن مشمولاتها وتسهر الهيئة على نشر تقريرها،

الفصل 10 : الوزير الأول مكلّف بتنفيذ هذا المرسوم الذي ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ويجري العمل به حالا. تونس في ...".

+المرسوم النهائي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 18 فيفري 2011

         إذا ما قمنا بمقارنة بسيطة بين مشروعي المرسومين من جهة، والنصّ النهائي للمرسوم عدد 6 للثامن عشر من فيفري 2011 المتعلّق ب"الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي" لانتبهنا إلى أنّ النص النهائي الذي أحدث هذه "الهيئة العمومية المستقلة"  لهو مجمع رافدين وخليط أصولين و ذلك يفسّر بعض تعقيداته وشيئا من إبهاماته و طول عنوانه الذي استغربه أكثر من واحد. و لتيسير المقارنة نأتي بنص المرسوم عدد 6 كاملا:

"مرسوم عدد 6 لسنة 2011 مؤرخ في 18 فيفري 2011 يتعلق بإحداث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.
إن رئيس الجمهورية المؤقت،
باقتراح من الوزير الأول،
بعد الاطلاع على الفصلين 28 و57 من الدستور،
وعلى القانون الأساسي عدد 48 لسنة 2004 المؤرخ في 14 جوان 2004 المتعلق بتنظيم عمل مجلس النواب ومجلس المستشارين وعلاقتهما ببعضهما كما تم إتمامه بالقانون الأساسي عدد 32 لسنة 2006 المؤرخ في 22 ماي 2006 وخاصة الفصل 32 منه،
وعلى مجلة المحاسبة العمومية الصادرة بمقتضى القانون عدد 81 لسنة 1973 المؤرخ في 31 ديسمبر 1973 كما تم تنقيحها وإتمامها بالنصوص اللاحقة،
وعلى القانون عدد 5 لسنة 2011 المؤرخ في 9 فيفري 2011 المتعلق بالتفويض إلى رئيس الجمهورية المؤقت في اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور،
وعلى الأمر عدد 400 لسنة 1969 المؤرخ في 7 نوفمبر 1969 المتعلق بإحداث وزارة أولى وضبط وظائف الوزير الأول.
يصدر المرسوم الآتي نصه :
الفصل الأول ـ تحدث هيئة عمومية مستقلة تدعى "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي".
الفصل 2 ـ تتعهد الهيئة بالسهر على دراسة النصوص التشريعية ذات العلاقة بالتنظيم السياسي واقتراح الإصلاحات الكفيلة بتجسيم أهداف الثورة بخصوص المسار الديمقراطي، ولها إبداء الرأي بالتنسيق مع الوزير الأول حول نشاط الحكومة.
الفصل 3 ـ تتكون الهيئة من:
ـ رئيس يتم تعيينه بأمر من بين الشخصيات الوطنية المستقلة المشهود لها بالكفاءة في الميدان القانوني والسياسي،
ـ نائب رئيس يتم تعيينه من الشخصيات السياسية ومكونات المجتمع المدني المشاركة في الهيئة باقتراح منها،
ـ مجلس متكون من شخصيات سياسية وطنية وممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية والهيئات والمنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني المعنية بالشأن الوطني في العاصمة والجهات ممن شاركوا في الثورة وساندوها يتم تعيينهم بقرار من الوزير الأول باقتراح من الهياكل المعنية، وتتولى ضبط التوجهات الكفيلة بملاءمة التشاريع المتصلة بالحياة السياسية بما يتوافق مع متطلبات تحقيق الانتقال الديمقراطي ولها اتخاذ ما تراه من اقتراحات لضمان استمرارية المرفق العمومي وتجسيم أهداف الثورة ومطالبها،
ـ لجنة خبراء متكونة من أخصائيين يعينهم رئيس الهيئة لا يقل عددهم عن العشرة، تتولى صياغة مشاريع القوانين وفق التوجهات التي يتم ضبطها من قبل الهيئة، وتعرض مشاريع القوانين المعدة من طرف اللجنة على الهيئة للمصادقة عليها قبل رفعها إلى رئيس الجمهورية،
ـ مقرر عام، يدوّن أعمال الهيئة في محاضر جلسات يعين بناء على اقتراح من الهيئة،
ـ ناطق رسمي باسم الهيئة تختاره هذه الأخيرة من بين أعضائها لمدة محددة لضمان التداول.
الفصل 4 ـ يسهر رئيس الهيئة على حسن سير أعمالها ويدير جلساتها ويتولى حفظ وثائقها ويمثلها لدى الغير. ويمكن له تفويض كامل صلاحياته أو بعضها لنائبه أو لأحد أعضاء الهيئة.
الفصل 5 ـ تتخذ الهيئة قراراتها بالتوافق وإن تعذر بالأغلبية ويكون صوت الرئيس مرجحا عند تساوي الأصوات، ويحضر أعضاء لجنة الخبراء أشغال الهيئة وليس لهم حق التصويت. وتخصص جلسة دورية للمتابعة وتضمن ملاحظات الهيئة بمناسبة هذه الجلسات وقراراتها صلب تقرير يرفع إلى رئيس الجمهورية وإلى الوزير الأول.
الفصل 6 ـ يمكن عند الاقتضاء لرئيس الهيئة بعد استشارتها إحداث لجان مختصة في مواضيع معينة تندرج ضمن مشمولاتها.
الفصل 7 ـ تجتمع الهيئة بدعوة من رئيسها أو من ثلثي أعضائها وتكون مداولاتها سرية. ولا تكون جلساتها شرعية إلا متى توفر النصاب بحضور أكثر من نصف أعضائها.
الفصل 8 ـ تحمل المصاريف المتعلقة بأعمال الهيئة بما في ذلك مصاريف تنقل وإقامة أعضائها على ميزانية الوزارة الأولى.الفصل 9 ـ يرفع رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي لرئيس الجمهورية وللوزير الأول آرائها واقتراحاتها وتقريرا حول أشغالها وما أنجزته ضمن مشمولاتها وتسهر الهيئة بالتنسيق مع الوزير الأول على متابعة تنفيذ ما اقترحته لتجسيم أهداف الثورة ولضمان حسن سير المرفق العام وتحقيق الانتقال الديمقراطي.
الفصل 10 ـ الوزير الأول مكلف بتنفيذ هذا المرسوم الذي ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ويجري العمل به ابتداء من 18 فيفري 2011.    تونس في 18 فيفري 2011. رئيس الجمهورية المؤقت، فؤاد المبزع.

+ تركيبة الهيئة

             و على أساس هذا المرسوم تمّ تعيين رئيس الهيئة بأمر[26] ،  ثمّ تسميّة أعضائها بمقتضى قرار الوزير الأوّل المؤرخ في 14 مارس 2011 (12 ممثّل عن الأحزاب، 17 ممثل عن الهيئات والمنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني و 42 شخصيّة وطنيّة) واجتمعت "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" لاوّل مرّة يوم الخميس 17 مارس 2011 بمقرّ المجلس الاقتصادي و الاجتماعي السابق بإشراف رئيس الجمهوريّة المؤقت. و أمام انتقادات أعضائها حول تركيبتها، فيما يتعلّق خاصة بتمثيل الجهات، وشبّان الثورة، والنساء، و عائلات الشهداء، أعيد النظر فيها فصدر قرار ثان عن الوزير الأول في 5 أفريل 2011، رافعا عدد الأعضاء و موزّعا إيّاهم على النحو التالى :

  - ممثلون عن الأحزاب السياسية36-  -

 II  - ممثلون عن الهيئات والمنظمات والجمعيات ومكوّنات المجتمع المدني- 33ـ

- III شخصيات وطنية - 72 -

- IV ممثلون عن الجهات - 12 ـ  

  -Vممثلون عن عائلات الشهداء- 2-

           ولا شكّ في أنّ هذه التركيبة، التي اتسعت فيما بعد ببعض أفراد قبل أن تستقرّ، جعلت من الهيئة هيكلا تعدّديا يمثّل تقريبا كامل الطيف الاجتماعي و السياسي التونسي، مما ساهم في إثراء المداولات و اختلاف المواقف. فكانت الهيئة، على مستوى الممارسة، أول مؤسّسة جماعيّة عموميّة حرّة و ديمقراطيّة في تاريخ البلاد، إلا أنّها كانت من جانب آخر أداة تجاذبات و تنافر كادت  تعصف بالهيئة، مثلما وقع بمناسبة تعيين السيد الحبيب الصيد وزيرا للداخلية، حين تراءى لبعض أعضائها (75 عضوا) الممضين على لائحة في الشأن، إيقاف مناقشة المرسوم الانتخابي في فترة كنّا نخوض فيه سباقا مستميتا ضدّ الوقت، لكسب رهان انتخابات 24 جويلية، مما أدّى إلى رفع جلسة يوم الأربعاء 30 مارس 2011 و احتمال استقالة رئيس الهيئة، قبل رجوع الأمور إلى مجراها[27].

+ أعمال الهيئة

         رغم أنّ الهيئة غير منتخبة وأنّ مهامها منحصرة في  الوظيفة الاستشارية و الإقتراحيّة، إلا أنها قامت في الواقع السياسي بوظيفة شبه "برلمانيّة- تشريعيّة" تمثّلت من جهة في حوار ساده التشنّج بين فينة و أخرى مع أعضاء الحكومة والوزير الأوّل[28] ومساءلتهم، ومن جهة أخرى في المصادقة بالتصويت العلني، بعد الإعداد و المناقشة، على أهمّ النصوص القانونيّة التحرّريّة للفترة الانتقالية الأولى، بدءا بالقانون الانتخابي للمجلس التأسيسي[29] و المرسوم المتعلّق بالهيئة العليا المستقلّة للانتخابات[30] وصولا إلى المراسيم الخاصة بالأحزاب السياسيّة[31] و بالجمعيّات[32] و بحريّة الاتصال السمعي والبصري[33] و بحريّة الصحافة[34]. فجميع النصوص الثوريّة التي صادقت عليها الهيئة  اتخذت  شكل مراسيم تشريعيّة و إن كان ذلك بعد مشادّات مع الحكومة، مثلما وقع بالنسبة للفصل 8 من المرسوم المتعلّق بالهيئة العليا المستقلّة للانتخابات أو الفصل 15 من المرسوم الانتخابي عدد 35. و ما كان للفترة الانتقاليّة الثانيّة و لا للانتخابات أن تنجح لو لا العمل الذي قامت به الهيئة العليا، رغم   أنّها لم يسعها أن تنظّم أعمالها   بنظام داخلي، بل رُبّ كان لسبب ذلك. وبقطع النظر عن الانتقادات المبدئيّة التي واجهتها الهيئة من الأول  فقد أثار هذا الجانب "التشريعي" انتقادات شديدة مثل التي صدرت عن حركة النهضة[35] و الذين يدورون في فلكها، إثر انسحابها من الهيئة بعد تأجيل الانتخابات. و قد عابوا عليها أن تجاوزت اختصاصها و انتزعت الشرعيّة لنفسها بغير حقّ و تحوّلت إلى برلمان. و لن نتعرض في هذا البحث للتهجّمات العنيفة، بعضها ذات الذوق الدنيء والفكر الأدنى[36]، التي استهدفت الهيئة من كل حدب وصوب، حتى أنّ البعض منهم  جعلوا منها سلعة اتجار يتّجرون بها، كمثل الأستاذ الصادق بلعيد الذي كان يعتصر ريشته إلى آخر قطرة من مداد محبرته، من أحد كل أسبوع إلى الأحد الموالي بأعمدة جريدة "لا براس"، كي يزن للهيئة ما تستحقّه  من شجب، حتّى بلغ به الأمر أن نادى في آخر سباق أحدي بصحيفة "لابراس" إلى حلّ الهيئة العليا نهائيّا[37]، معتمدا إحصاء خاصا به، مجهول المصدر، يدّعي أنّ 70% من التونسيين لا يستوثقون الهيئة. فلم يجد لإنذاره سامعا أو بصيرا، ويا ليت شعري ما حدث لو تحرّك ساكن أو تجرّع شارب.

              يطول الحديث عن إنتاج الهيئة و دور لجنة الخبراء في التدفّق بها نحو تحرير البلاد من قوانين الاستبداد. و إذا نسينا أو تناسينا كلّ شيء، فلننظر إلى المرسوم الانتخابي، هل له من ناس أو متناس؟ حتى لو فرضنا أنه ليس ب"معجزة"[38]، فإنّه اخترق جميع الحواجز التعجيزيّة الصادرة من هنا و هنالك، داخل الهيئة[39] و خارجها، لفتح أول فرصة مكّنت البلاد من اقتحام مسارها نحو الحرّيّة السياسيّة، فأقرّ قاعدة ثوريّة، لا مثيل لها، و هي التناصف الوجوبي بالتناوب بين الرجال و النساء لتسجيل  القامات الانتخابيّة، و خلّص العمليّة الانتخابيّة من ربقة التزييف والتدليس التي اختصّت فيهما وزارة الداخليّة، و عوّض ذلك بالهيئة المستقلّة للانتخابات، و أقرّ طريقة اقتراع عادلة و تعدّديّة لم تلت من نصيب الأكثر شعبيّة و لم تثقل العبأ على الأقلّ منه، كما دلتّ عليه النتائج . و حتّى هذا، فقد استنكره البعض، و نُعت يوم المصادقة على المرسوم الانتخابي، من قبل السيّد قيس سعيّد، المساعد بكلية العلوم القانونيّة، بأنّه " يوم أسود في تاريخ القانون الدستوري في تونس"[40] مضيفا "هناك طبائع استبداد و ممارسات إقصاء نراها تعود بعد الثورة وتصدر عن الهيئة"[41] . أطروحة لعمري تستوجب أطروحة. أمّا الأستاذ الصادق بلعيد فقد رأى في الأمر "مؤامرة على سيادة الشعب"[42] وانتزاع لإرادته[43] و شعوذة لا تُحمد[44].  


القسم الثاني : التنظيم الدستوري المؤقت للسّلط العموميّة


           بعد ما تبيّن استحالة إجراء انتخابات رئاسيّة في إطار الفصل 57 من دستور 1959، و بعد أن استقال الوزير الأول بسبب الوضع السياسي  العام و لما سمعه من معتصم مناهض نادى ب"إعدام الغنّوشي"[45] على شاشة التلفزة الوطنيّة، مصرّحا آنذاك ب"إنّها ثورة" "ِC’est une Révolution !" ، وتبعا للإعلان الرئاسي في 3 مارس 2011، وجب تنظيم سلط الدولة في الفترة الثورّية الانتقاليّة. فجاء ذلك في شكل المرسوم الشهير عدد 14 الذي أسّس السلط العامة تأسيسا إنشائيّا، مبطلا ألمؤسسات المتورّطة مع النّظام المستبدّ، و مجمعا السلط في مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة.

◘ المرسوم » التأسيسي «  عدد 14 المؤرخ في 23 مارس 2011

           صدر هذا المرسوم بعد أن أعلن رئيس الجمهوريّة المؤقّت في خطاب 3 مارس 2011 عن افتقاد صلاحيّة دستور1959.  و يرجع ذلك إلى الأسباب الآتيّة. أوّلا و في الأصل، لأنّ الثورة بقواها الفاعلة تجاوزته ونادت بإبطاله وإبطال مؤسّساته المتورّطة مع النّظام المستبدّ كالمجالس النيابية و المجلس الدستوري و فرضت على الرئيس المؤقّت أن يعلن عن ذلك و أبقته، نظرا للصّالح العام وتجنّبا لانهيار الدولة، في نفس المنصب الرئاسي، رغم أنّه ينتمي للنّظام القديم. ثانيّا لأنّ الظروف الاستثنائية واضطراب النّظام العام حالت دون تنظيم الانتخابات الرّئاسيّة في الأجل المنصوص عليه بالفصل 57، مما جعل مواصلة العمل بالدستور أمرا مستحيلا. و ثالثا لأنّ الدستور قد شُوّه بتنقيحات عديدة أفسدته و أتت على موازينه فأصبح مظهرا من مظاهر الفساد والاستبداد.

 وجدير بالتأكيد أنّ هذا "المرسوم" لا يمتّ بأي صلة من الصلات إلى المراسيم العاديّة السابق ذكرها ولا إلى اللاحقة. فهو مرسوم أصليّ، إنشائي وتأسيسي، لا يستند إلى أي سند قانوني سابق، سوى المشروعيّة الثوريّة الخارقة للمنوال القائم قبل الثورة، وحكم الضرورة ووفاق القوى السياسيّة الموجودة و قبول المجتمع كاملا. 

أثناء المرحلة التحضيرية للمرسوم عدد 14 ظهرت رغبة في تسميّته بطريقة غير مألوفة، كأن يسمّى "توقيعا" أو "ظهيرا" أو "قرارا تأسيسيا" أو"مرسوما تأسيسيا"، لتأكيد أنّه ليس من المراسيم بمعناها المتداول في القانون العام العادي. إلا أنّ العقليّة الإداريّة التقليدية، قد تغلّبت، فبقي "مرسوما" ولم يحقّ له حقّه كما يجب. إلا أنّ المرسوم عبّر بوضوح عن تلك الصبغة التأسيسيّة بطرق مختلفة كالإشارة إلى حقّ الشعب بعد الثورة في استرجاع سيادته عن طريق الانتخاب، وحقّه في إرساء دستور جديد، كما أنّه اعتمد حكم الضرورة المتمثّل في تواصل الدولة و تجاوز دستور1959، فجاء في حيثيّاته ما يلي:

" حيث أن الشعب التونسي هو صاحب السيادة يمارسها عن طريق ممثليه المنتخبين انتخابا مباشرا، حرا ونزيها،
وحيث عبر الشعب أثناء ثورة 14 جانفي 2011 عن إرادة ممارسة سيادته كاملة في إطار دستور جديد،
وحيث أن الوضع الحالي للدولة، بعد الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية في 14 جانفي 2011  ، كما أقر ذلك المجلس الدستوري في إعلانه الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المؤرخ في 15 جانفي 2011، لم يعد يسمح بالسير العادي للسلط العمومية، كما صار من المتعذر التطبيق الكامل لأحكام الدستور،
وحيث أن رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن وسلامة ترابه ولاحترام القانون وتنفيذ المعاهدات، وهو يسهر على السير العادي للسلط العمومية ويضمن استمرار الدولة،".

 و من البديهي أنّ جميع هذه التراكيب اللغوية تشير إلى فكرة واحدة و هي أنّ المرسوم خارق لعادات المراسيم و أنّه في حقيقته  دستور مؤقت أتى ليستخلص نتائج الثورة. فقام بتوقيف دستور1959 و حلّ مؤسساته المتورّطة مع النّظام المستبدّ و فتح مرحلة انتقاليّة أولى ستنتهي بمباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه. و قد عبّر عن هذه الفكرة مباشرة في  الفصل الأول:" إلى حين مباشرة مجلس وطني تأسيسي منتخب انتخابا عاما، حرا، مباشرا وسريا حسب مقتضيات نظام انتخابي يصدر للغرض مهامه، يتم تنظيم السلط العمومية بالجمهورية التونسية تنظيما مؤقتا وفقا لأحكام هذا المرسوم".

إبطال المؤسسات المتورّطة مع النّظام المستبدّ

          وقع حلّ هذه المؤسّسات الدستوريّة بمقتضى الفصل 2 من المرسوم عدد 14.

" تحل بمقتضى هذا المرسوم المجالس الآتية:
ـ مجلس النواب،
ـ مجلس المستشارين،
ـ المجلس الاقتصادي والاجتماعي،
ـ المجلس الدستوري."

واستثنى المرسوم في فصوله 3 و17 المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات[46] والقضاء العدلي[47]. ولا شكّ أنّ هذا الأسلوب لم يرق في شيء للمتشبثّين بالتحاليل التقليدية من المختصّين في القانون العام. فنظروا إليه من جانب تسميّته ب"مرسوم"، مطبّقين عليه أحكام المراسيم العاديّة، ليتهم  تفطّنوا إلى  أنّ شرعيّة كاراي دي ملبارق Carré de Malberg   قد ولّت، و أنّ زمان الثورة له "شرعيّة" استثنائيّة لا تخضع للمقاييس العاديّة.

 تجميع السلط في مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة

           خلافا لما كان معمولا به في النظام الوقتي للسلطات العموميّة السابق غداة الإستقلال، بعد تنقيح 3 أوت 1956[48] الذي أسند السلطة الترتيبيّة لرئيس مجلس الوزراء، فإنّ رئيس الجمهوريّة في المرسوم » التأسيسي «  عدد 14 يتّسم بالتعدّديّة الوظيفيّة، فهو المشرّع وهو رئيس الدولة و رئيس السلطة التنفيذيّة. ولاتقاء أن تمهّد هذه المشمولات الواسعة في المستقبل إلى تنصيب دائم للرئيس المؤقت فقد نصّ  الفصل11 من المرسوم  عدد 14 على أنّه "لا يجوز لرئيس الجمهورية المؤقت الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي، كما لا يجوز له الترشح لأي انتخابات أخرى بعد وضع الدستور الجديد". وقد أكّد الفصل 15 هذا التحجير للوزير الأول وبقية أعضاء الحكومة المؤقتة بالنسبة للترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي.

+ السلطة التشريعيّة

           ينصّ المرسوم التأسيسي عدد 14 على ما يلي:" يتمّ إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في صيغة مراسيم يختمها رئيس الجمهورية المؤقت، بعد مداولتها في مجلس الوزراء ويسهر على نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية"

          نستنتج من ذلك إن رئيس الجمهوريّة المؤقت، في النظام الدستوري الوقتي المقرّر بالمرسوم التأسيسي عدد 14، هو الذي يمارس السلطة التشريعيّة بمقتضى مراسيم تعرض على مجلس الوزراء، على غرار الأوامر التشريعيّة المنصوص عليها في الفصل 2 من الأمر العلي المؤرخ في 21 سبتمبر1955 المتعلّق بالنظام الوقتي للسلطات العموميّة، في المدّة الفاصلة بين معاهدات الاستقلال الداخلي (3 جوان 1955) والدستور المرتقب صدوره. و بيّن الفصل 5 من المرسوم التأسيسي مجال هذه السلطة التشريعيّة بشكل واسع[49]، إلى درجة أنّه أدرج فيه " كل المواد التي تدخل بطبيعتها في مجال القانون". و تبعا لذلك تعتبر جميعُ المراسيم، من 15 إلى 120، الصادرة بعد 23 مارس 2011 ذات قيمة قانونيّة. والملاحظ أنّ المبادرة بعرض بعض مشاريع هذه المراسيم من قبل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، ثمّ مناقشتها فالمصادقة عليها[50] لا يغيّر شيئا من ذلك ولا يجعل من الهيئة العليا، من وجهة قانونيّة، هيكلا تشريعيّا أو مشاركا في الوظيفة التشريعيّة، خلافا لما تراءى للبعض من الذين عابوا عليها الاستيلاء على اختصاص  ليس لها، كالسيّد راشد الغنّوشي[51] أو انتحالها الشرعيّة، مثل السيّد حمّادي الجبالي[52].

+ رئاسة الدولة ورئاسة السلطة التنفيذيّة

          ينصّ الفصل 8 من المرسوم » التأسيسي «  عدد 14على أنّ رئيس الجمهورية المؤقت يواصل رئاسة الدولة حتى تاريخ مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه، مع ما يترتب عن ذلك من سلطة تمثيليّة و تحكيميّة و قياديّة. لم ينصّ المرسوم التأسيسي صراحة على الدور التحكيميّ لرئيس الجمهوريّة، إلا أنه تدخّل مرارا و بنجاح ملحوظ لإبداء النصيحة وتفعيل التنسيق، كما فعل في  جلسة 12 نوفمبر 2011 مع الأحزاب السياسيّة،  بغية إنجاح الجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي و الاتفاق على نصّ الأمر الرئاسي الدّاعي إليها. و قد تدخّل أيضا لفضّ بعض النزاعات أو تهدئة الأجواء بين الحكومة وغيرها من السلط كالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أو المحكمة الإداريّة.

أمّا عن الدور التمثيلي، فهو الذي يمثّل الدولة و يعتمد الدبلوماسيين في الخارج ويقبل اعتماد ممثلي الدول الأجنبية و يصادق على المعاهدات.وهو الذي يمارس القيادة العليا للقوات المسلحة، ويشهر الحرب ويبرم السلم بعد مداولة مجلس الوزراء.

و أخيرا، وحسب صريح نصّ الفصل 6:" يمارس رئيس الجمهورية المؤقت السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة مؤقتة يترأسها وزير أول". فالحكومة المؤقتة والوزير الأول هيكل مساعد لرئيس الجمهورية و الرّئيس المؤقت هو رأس السلطة التنفيذيّة. و من مشمولات رئيس الجمهورية كرئيس السلطة التنفيذيّة أنّه مكلّفّ بتنفيذ المراسيم التشريعيّة عن طريق الأوامر التطبيقية، وأنّه يمارس السلطة الترتيبية العامة عن طريق الأوامر ذات الصبغة الترتيبية،، وأنّه يرأس مجلس الوزراء، و يعيّن الوزير الأول وبقية أعضاء الحكومة و ينهي مهام الحكومة أو عضو منها، و يسند الوظائف العليا المدنية والعسكرية، كلّ ذلك باقتراح من الوزير الأول. و رغم أنّ بعض مشمولات رئيس الجمهورية لا تتمتّع بالاستقلاليّة التامة لأنّها مقيّدة باقتراح الوزير الأوّل، فإنها، قانونا، أصلية بالنسبة لرئيس الجمهورية وفرعيّة بالنسبة للوزير الأوّل وأعضاء الحكومة.

الوزير الأوّل والحكومة

              جاء الفصل13  ، لتحديد سلطة الحكومة والوزير الأوّل، بما يأتي ذكره،:" تسهر الحكومة المؤقتة على تصريف أعمال الدولة وعلى السير العادي للمرافق العمومية ويسيرها الوزير الأول وينسّق أعمالها ويتصرف في دواليب الإدارة وفي القوة العامة وينوب عند الاقتضاء رئيس الجمهورية المؤقت في رئاسة مجلس الوزراء أو أي مجلس آخر". ويمكن القول بأنّ هذا الفصل يتماشى مع ما ذكر من قبلُ حول موضع الوزير الأوّل بالنّسبة لرئيس الجمهورية.    

إلا أنه في التطبيق والواقع السياسي، ولأسباب تعود إلى كلّ من المناخ السيّاسي و الظروف الخاصة بتنصيب السلط الجديدة و العوامل الشخصيّة،  انقلبت الصورة الدستورية للسلطة رأسا على عقب. فصار"المستبد الشرعي"، رئيس الجمهورية، سلطة شرفيّة وتحكيميّة، و استأثر الوزير الأول، المساعد الدستوري لرئيس الجمهورية، بالسلطة التنفيذيّة وتفعيل نشاط الدولة على المستيوين السياسي والقانوني. و لتبيان ذلك نذكر أزمة تأجيل الانتخابات.


القسم الثالث: الانتخابات في العاصفة


بقطع النظر عن المشاكل الكثيرة التي اعترضت المسار الانتخابي، مثل أزمة تمويل الأحزاب السياسيّة و أزمة الإشهار السياسي، ظهرت بعض المشاكل كادت تعرقل المسار الانتخابي بل تحول دون مواصلته، منها إشكالات المراسيم الانتخابية و تأجيل الانتخابات و قضيَة الاستفتاء.

إشكالات المراسيم الانتخابية

+الفصل الثامن من المرسوم عدد 27.

 أول إشكال تعرّضت له الهيئة العليا لتحقيق الثورة كان محلّه النصّ المتعلّق بالهيئة العليا المستقلّة للانتخابات و بالتحديد فصله الثامن. كان النص الأصلي للفصل 8  المصادق عليه من قبل هيئة تحقيق الثورة يوم 11 أفريل 2011 والمرسل إلى الحكومة يوم 13 أفريل بالتحرير الآتي:

" تضم الهيئة المركزية ستة عشر عضوا تقع تسميتهم بأمر ويتم اختيارهم كالآتي:
ـ ثلاثة قضاة تختارهم الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي من بين ستة مرشحين يتم اقتراحهم من قبل جمعية القضاة التونسيين بالتساوي من بين مستشاري المحكمة الإدارية ومستشاري دائرة المحاسبات والقضاء  العدلي،...".

  إلا أنّه نشر بالرائد الرسمي، بشكل مغاير للّذي وقع اقتراحه، مما فاجأ جميع أعضاء الهيئة العليا و رئيسها، ، حيث أضيف إليه شرطان لم يردا في النص الأصلي و بالتحرير الآتي:

" ـ ثلاثة قضاة تختارهم الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي من بين ستة مرشحين يتم اقتراحهم بالتناصف من قبل كل من جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة بالتساوي من بين مستشاري المحكمة الإدارية ومستشاري دائرة المحاسبات وقضاة الرتبة الثالثة من القضاء العدلي".

 فكان للحدث أثر جدّ سلبي على علاقة الحكومة و الهيئة العليا من جهة و تسبّب في انسحاب جمعيّة القضاة التونسيين من الهيئة من جهة أخرى، و ذلك رغم أنّ نقابة القضاة ، سعيا إلى عدم تعكير المناخ، أعلنت عن تنازلها عن الترشّح للهيئة العليا للانتخابات. وأمام انسحاب جمعيّة القضاة نهائيا، ولتكميل تركيبة الهيئة الانتخابيّة، ما كان للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة إلا أن تلجأ إلى الفقرة ألأخيرة من الفصل الثّامن لانتخاب ممثلي القضاة على أساس ترشّح مفتوح[53].

 +الفصل 15 من المرسوم عدد 35.

              لم نكن ننته من أزمة الفصل 8 من المرسوم عدد 27 المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات حتى انفجرت "قنبلة" الفصل 15 من المرسوم عدد 35 المؤرخ في 10 ماي 2011 والمتعلق بانتخاب المجلس الوطني الـتأسيسي. وقد بادر أعضاء الهيئة العليا باقتراح هذا الفصل انطلاقا من الاعتبار الآتي: لقد تسبّب الحزب الحاكم القديم، الذي تمّ حلّه قضائيا في 3 مارس 2011، في أضرار جمّة سياسيّة واجتماعيّة للبلاد، وكانت مسؤوليّته جسيمة في إضعاف الدولة و تهميش مساهمة المواطنين في نمو البلاد بانتشار الرشوة وتزييف الانتخابات والإحصاءات و سير القضاء واحتكار السلط وجعل الكذب والمداهنة مبادئ أصوليّة لسير الدولة. وعلى هذا الأساس اتفقت الأغلبيّة الساحقة في الهيئة العليا ، باستثناء البعض كالحزب الديمقراطي التقدّمي[54]، على إخراجه من العمليّة التأسيسيّة و إقصاء الذين تولّوا مسؤولية حزبيّة من التّرشّح للانتخابات التأسيسية و على أن يكون الحكم ساريا على المناشدين الذين ناشدوا المستبد في الترشّح لانتخابات 2014. إلا أنّ أعضاء الهيئة اختلفوا في تحديد مدّة سريان الإقصاء، و بعد نقاش حاد، تم التصويت يوم الاثنين 11 أفريل 2011 على أن تكون المدّة 23 سنة، أي من بداية حكم بن علي سنة 1987 إلى نهاية عهده. و كان هذا التصويت واحدا من بين الأربعة التي شملت أهم مسائل المرسوم الانتخابي و هي طريقة الاقتراع، فالفصل 15، ثم إقرارمبدأ التناصف بين النساء و الرجال في إعداد قائمات الترشح ، قبل التصويت على المرسوم الانتخابي كاملا.

و في الأسبوع نفسه، يوم 13 أفريل 2011، اجتمع الوزير الأول و وزراء أخر من بينهم وزير الداخلية، والدفاع، والمالية، والعدل، برئيس الهيئة العليا. واستفسره الوزير الأول حول "زوبعة" الفصل 15، فدافع رئيس الهيئة عن فلسفة مشروع الهيئة مذكّرا المسؤولية التاريخيّة الموضوعيّة للحزب في إضعاف البلاد، و أشار إلى أشهر شعارات الثورة "RCD dégage  « ، وركّز على أنّ الحكم لن ينفّذ إلا على الانتخابات التأسيسية لا غير، فَأبدى الوزير الأول اقتناعه بذلك و تأييده، إلا أنه أظهر شديد الاحتراز إزاء المدّة المصادق عليها من قبل الهيئة و اقترح أن يضاف إلى  قائمة المقصيين أعضاء الديوان الرئاسي، و طلب مهلة زمنيّة لمزيد التفكير والتشاور في القضيّة، و السعي إلى تفادي الملاحقة الجماعيّة الشاملة المعبر عنها بلغة فلتار بعبارة chasse aux sorcières »"، و قد  كره  منطق "تركيع الحكومة"  ورفضه ، و زادت في حدّة هذا الشعور التهجّمات العنيفة التي تلفظ بها إزاءه بعض أعضاء الهيئة خطأ، منها أنّ الوزير الأول راضخ ل"حكومة ظلّ" متكونة من عناصر النظام القديم[55] .

وفي 26 أفريل أعلن الوزير الأول في ندوة صحفيّة عن اقتراحاته في شأن الفصل 15 وهي أن تعوّض عبارة "أعضاء الحكومة" بعبارة "أعضاء الديوان الرئاسي ومستشاري الرئيس والملحقين بالديوان" ثمّ أن تعوّض مدّة 23 سنة بمدّة 10 سنوات ، و أن يتمّ تحديد المسؤوليات بأمر. وأمام هذا الموقف تصاعدت الأصوات قي جلسة الهيئة العليا يوم الخميس 28 أفريل  تنديدا بما اعتبر تراجعا عن تحقيق أهداف الثورة. وإزاء هذه الأزمة الخطيرة، و قد كان الوقت يداهمنا باقتراب الموعد الانتخابي  في 24 جويلية، تقدّم رئيس الهيئة باقتراح كان يرمي إلى تبنّي حل  وسط توافقيا في ظاهره و هو في حقيقته رجوع  إلى موقف الهيئة، وأن نحذف أيّ إشارة صريحة إلى المدّة فتعوّض بعبارة "عهد الرئيس السابق". فقبل الوزير الأوّل هذا الحلّ بشيء من تهكّم العارفين غير الغافلين، إنقاذا للوضع و تحصينا للانتخابات، إلا أن شهرا كاملا أضيع تردّدا وتباطؤا. و في النهاية وقع رئيس الجمهوريّة المرسوم 35 بتاريخ 10 ماي 2011 و نشر بالرّائد الرسمي عدد 33 المؤرّخ في10 ماي2011  بالتحرير الآتي:

الفصل 15:
يحقّ الترشّح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي لكل :
-
ناخب.
-
بلغ من العمر ثلاثا وعشرين سنة كاملة على الأقلّ يوم تقديم ترشّحه.

ولا يمكن أن يترشح:
-
كل من تحمّل مسؤولية صلب الحكومة في عهد الرئيس السابق باستثناء من لم ينتم من أعضائها إلى التجمع الدستوري الديمقراطي، ومن تحمل مسؤولية في هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي في عهد الرئيس السابق. وتحدّد المسؤوليات المعنية بأمر باقتراح من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.
-
من ناشد الرئيس السابق للترشح لمدة رئاسية جديدة لسنة 2014. وتضبط في ذلك قائمة من قبل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. "

وبعد إعداده في إطار الهيئة العليا، صدر الأمر التطبيقي المومأ إليه سابقا بتاريخ 3 أوت2011 [56].

◘ تأجيل الانتخابات

          من أخطر الأزمات التي مررنا بها سنة2011، تلك المتعلّقة بتأجيل الانتخابات. عندما اجتمعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في أواخر شهر ماي للشروع في تنظيم العملية الانتخابية وتخطيطها، شعرت بأنّ هذه العملية، من الناحية التقنية والتنظيمية،  تستوجب وقتا يتجاوز بكثير موعد 24 جويلية 2011 المحدّد للانتخابات. وفي هذا الصدد نذكّر بأنّ هذا الموعد حدّد في فيفري 2011 عندما كنـّـا متّجهين  نحو تنظيم انتخابات رئاسية، في ظلّ الفصل 57 من الدستور. ولم يقع التراجع عنه بعد تغيير المسار الانتخابي واختيار انتخابات مجلس تأسيسي. ورغم أن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، الأستاذ كمال الجندوبي أكّد في العديد من تصريحاته، بداية من بلاغ 22 ماي2011، أنّ أسباب التأجيل تحتّمها الضرورة المادية القاهرة، فإنّ فكرة تأجيل الانتخابات أثارت ضجّة شاملة وردود فعل تراوحت بين الشعور بالخيبة وعدم الثقة والتهم العنيفة بالتلاعب السياسي والنوايا الفاسدة. وقد تجلّى هذا القلق بقوّة في وسائل الإعلام السمعية والبصرية وفي الصحف، كما تجلّت داخل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي شاهدت جرّاء ذلك أول انسحاب لحزب حركة النهضة في بداية جوان 2011. وأمام هذا الوضع الخطير من التشويش والريبة بادر الوزير الأول الباجي قائد السبسي بمشاورات واسعة مع الأحزاب الممثـّلة في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وغيرها من الأحزاب و الجمعيات والشخصيّات، وإثر هذه المشاورات التي ساهمت كثيرا في تهدئة الأجواء السياسية، قام بتنظيم اجتماع عام في قصر المؤتمرات في 8 جوان 2011 بمشاركة الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والنقابات العمّالية ومنظمة الأعراف والجمعيات الوطنية والصحافة ووسائل الإعلام ومكتب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وأعضاء الهيئة المركزيّة للانتخابات. وفي هذا "المؤتمر" ألقى خطابا هاما استعرض فيه الصعوبات الجمّة التي اعترضت عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وفسّر بوضوح وإقناع أنّ هذه الأسباب لا تمتّ بأيّ صلة إلى نوايا خفيّة او أجندات سياسية، ثمّ اقترح أن يكون موعد الانتخابات يوم الأحد 23 أكتوبر 2011 عوضا عن 16 أكتوبر و هو التاريخ المقترح من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وقد كان لهذا الخطاب أثر عجيب على إرجاع التوافق السياسي والهدوء الاجتماعي، ممّـا مكـّـن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن تبدأ عملها في ظروف عادية وأن تستعدّ بحزم وجدية لتنظيم الانتخابات التأسيسية.

انسحاب بعض المنظّمات الأعضاء من الهيئة العليا

              بدأت حركة الانسحابات بجمعيّة القضاة التونسيين احتجاجا عن تصرفات الحكومة في شأن الفصل 8 من المرسوم عدد 27 المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتواصلت بانسحاب أول لممثلي حزب حركة النهضة بمناسبة أزمة تأجيل الانتخابات ثمّ، بعد عودتهم إثر خطاب 8 جوان، بانسحاب ثان، تعبيرا عن رفضهم المشاركة في موضوع المداولات المقرّر من قبل أغلبية الهيئة وهو موضوع قانون الأحزاب السياسيّة. وكان المؤتمر من أجل الجمهوريّة في ذلك من التابعين و حزب الإصلاح و التنميّة من المساندين. و لتفادي الانشقاق قامت مجموعة من أعضاء الهيئة  بتكليف أحدهم المقرب من النهضة، السيّد مختار اليحياوي بتسويّة الوضع فسعى. و بعد لقاءين انعقدا بمقرّ هيئة المحامين يومي الثلاثاء 5 و الثلاثاء 12جوان 2011، اتصل الناطق الرسمي للهيئة ونائبة الرئيس لإعلامه بالنتيجة وهي: إعادة النظر في تركيبة الهيئة وتعزيز مكتبها، وإقرار جدول أعمال الهيئة إلى حدّ انتخابات 23 أكتوبر، والالتزام مستقبلا بطريقة التوافق دون اللجوء إلى التصويت. فاعتبر رئيس الهيئة أنّ هذه الشروط جديرة بأن تكون أرضيّة تفاوض تعرض لزوما على مجلس الهيئة العليا لإقرارها و لكنه رفض  الشرطين المخالفين لقانون الهيئة ، كما رفض الرضوخ لما اعتبره "ديكتات" صادر عن حزب النهضة و هو أن: "يتمّ الإعلان عن نصّ الاتفاق حرفيّا من طرف السيّد رئيس الهيئة الأستاذ عياض ابن عاشور مساء الثلاثاء 12. 7 . 2012  في وسائل الإعلام..."[57]. فكان موقف رئيس الهيئة حائلا دون عودة النهضة رغم الجهود التي بذلها فيما بعد لإقناع قيادتها. أما "القاضي الفاضل"-حسب تعبير النهضة- فقد استنفر ومن الغد  أشهر سيفه على رئيس الهيئة كأنّه الداعي و ليس بالحكَم.

◘ قضيَة الاستفتاء و "إعلان المسار الانتقالي": 15 سبتمبر 2011

         كان سؤالان من أقصى الأهميّة يخالجان الأخلاد: ما هي حدود اختصاص المجلس التأسيسي، أتقف عند حدّ وضع الدستور أم تشمل التشريع ؟ ثمّ كم تستغرق أشغاله من وقت؟

ما هي المؤشّرات  القانونيّة الممكن اعتمادها؟

+ تحديد اختصاص المجلس.

يبدو واضحا أنّ عدّة مؤشرات قانونية تدلّ على أنّ الوظيفة الأساسية للمجلس التأسيسي لا تتعدّى التأسيسيّة. بقطع النظر عن المرسوم عدد 14 المومأ إليه سابقا، يحدّد المرسوم عدد 35 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي في ديباجته وظيفة المجلس الوطني التأسيسي إلى وضع دستور جديد، لا أكثر. ينــصّ المرسوم في هذا الصدد على ما يلي : "وانطلاقا من إرادة الشعب التونسي في انتخاب مجلس وطني تأسيسي يتولـّى وضع دستور جديد للبلاد ....". و قد أكّد الأمر عدد 1086 المؤرخ في 3 أوت 2011 و المتعلق بدعوة الناخبين ، هذا التوجّه.

و لكن لا يغني مجرّد هذه الإشارة عن التساؤل حول معناها القانوني، حيث إنّه من الصعب أن ندّعي أنّ المرسوم  الانتخابي من شأنه أن يحدّد اختصاص مجلس تأسيسي منتخب من قبل الشعب.

+ تحديد مدّة المجلس.

لا شيء في القانون الانتخابي، المرسوم عدد 35 ، يحدّد مدّة المجلس الوطني التأسيسي. إلاّ أنّ الأمرين التّرتيبيين اللّذين اتّخذا لدعوة الناخبين للانتخابات في موعدها الأول قبل تأجيلها،  ثمّ لموعدها النهائي في 23 أكتوبر 2011، حدّدا هذه المدّة إلى سنة واحدة. ينصّ الفصل السادس من أمر 3 أوت 2011 المتعلق بدعوة الناخبين : " يجتمع المجلس الوطني التأسيسي بعد تصريح الهيئة المركزية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالنتائج النهائية للاقتراع و يتولـّى إعداد دستور للبلاد في أجل أقصاه سنة من تاريخ انتخابه ".

فزعم البعض، على هذا الأساس، أنّ تحديد المدّة يُـلزم قانونا المجلس الوطني التأسيسي. إجابة عن هذا الطرح نذكّر أولا أنّ الأمر في حدّ ذاته وبصفته قرارا إداريا، ليس بإمكانه أن يقيّد المجلس الوطني التأسيسي وأنّه بمقدرة هذا الأخير إمّا أن يتركه جانبا وإمّـا أن يُـلغيه صراحة. ثمّ نذكّر أنّه غاب عن أذهان هؤلاء أنّ الأوامر الترتيبية التنفيذية، مثل أمر 3 أوت 2011، لا يسعها أن تظيف قاعدة  جديدة بالنسبة للقانون التي صدرت لتنفيذه، إلاّ في حدود الضرورة وعلى أساس أن لا تتجاو ز التنفيذ المباشر الذي لا يخالف النصّ الأعلى. أما إذا سنّ قواعد جديدة لا يقتضيها النصّ الأصيل بصفة ضرورية، فيصير باطلا. وحيث أنّ أمر 3 أوت ،مثل سابقه، سنّ قاعدة جديدة لا يقتضيها ضرورة النصّ الأعلى منه درجة  ، فإنّه يصبح باطلا لمخالفته إيّاه. 

+معركة الاستفتاء.

 إجابة عن هذه التساؤلات، طُرحت مسألة الاستفتاء بداية من شهر أفريل2011 [58] وتفاقمت من بداية أوت 2011 إلى منتصف سبتمبر و بالتوازي مع الأزمة الداخليّة للهيئة العليا و الأحداث الخطيرة التمرّديّة التي عاشتها ثكنة الحرس الوطني بالعوينة والتوتّر الناجم عنها في نقابات الأمن. في ذاك الوقت شُنّت حملة صحفية شاملة تهدف إلى التشكيك في الانتخابات والمجلس التأسيسي معا لما قد ينجرّ عنهما من أخطار. وحسب ما نُشر في الصحف[59]، قام بهذه المبادرة تآلف بين 47 (ثمّ 59 وقيل [60]70 وقيل 80[61]) حزبا من الأحزاب ذات الحجم الصغير أغلبها منحدر من "التجمّع"، و قد تسمّى ب"التآلف الجمهوري" وتقدّم بعريضة في أوائل سبتمبر للوزير الأول الذي أجاب في خطابه يوم 6 سبتمبر 2011 بكلمات تساءلون عنها "أيان مُرساها؟" : " إنّ الاستفتاء الذي تعالت الأصوات مؤخرا للمطالبة به ليس من مشمولات الحكومة الانتقالية فقط بل يجب أن يكون محلّ تشاور بين جميع الأطراف المكونة للمشهد السياسي الوطني من رئيس جمهورية وأحزاب وطنية وكذلك الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي"[62]. وقد  شرعت مصالح الوزارة الأولى، توقّعا لما قد يحدث، و تحسّبا لتغلّب المنادين بالاستفتاء، و نظرا إلى قلّة عدد الناخبين (27%) المسجلّين إلى حدّ بداية أوت 2011، في دراسة الموضوع. وكان ذلك في تصوّر استفتاء مواز للانتخابات، متفرّع إلى 3 أسئلة:

1) هل توافقون على أن يكون المجلس المنتخب هذا اليوم مجلسا تأسيسيّا لا غير؟

 2) هل توافقون على تحديد مدّة المجلس الوطني التأسيسي بستّة أشهر بداية من اليوم؟

 3) في صورة الجواب بالإيجاب عن السؤالين السابقين : هل توافقون على مواصلة العمل بالتنظيم الوقتي للسلطة العموميّة إلى حين دخول الدستور حيز التنفيذ؟

 وبقدر ما كان تاريخ الانتخابات يقترب بقدر ما أخذت هذه الحملة تستفحل أكثر فأكثر، إلى أن شملت بعض الأحزاب السياسية المستقلّة عن "التآلف" كالحزب الديمقراطي التقدّمي[63] أو بعض الشّخصيات الوطنيّة أو المحلّلين كالأستاذ الصادق بلعيد أو مدير مركز الكواكبي .الدكتور محسن مرزوق[64]. وكانت نتيجة هذه الحملة أنّها أدخلت في الرأي العام شعورا بالقلق  والخوف، حتى بلغ الأمر إلى أنّ أقساما واسعة من المجتمع السياسي والمدني انحازت إليها[65]، فتحيّزت عن الانتخابات التأسيسية، أو باتت تشرطها باستفتاء شعبي سابق لها أو متزامنا معها، وذلك لتحديد أهداف المجلس التأسيسي واختصاصاته وتحديد المدّة الزّمنية لممارسة مهامه كي لا يستبدّ بالأمر ويرجعنا إلى الدكتاتورية التي خلّصتنا منها الثورة[66]. ومن الحقّ أن نعترف اليوم، أمام الوضع السياسي الراهن، أنّ هؤلاء المنادين بالاستفتاء، لم يكونوا مبالغين في التشاؤم، حيث أنّ تجربة المجلس، لو تجاوزت وظيفتها التأسيسيّة و خاضت في سلطة تشريعيّة موسّعة، أو افتقرت إلى قيادة راشدة، لأتت بنا إلى  الهاوية. إلا أنّهم تغاضوا على أنّه لو سلكنا هذا السبيل لوقعنا في وضع أخطر من الذي نعيشه اليوم.

  وهكذا وقعنا في أزمة سياسية خطيرة كادت تعصف بالمسار الانتقالي كاملا وقد صدق من تحدث عن "قنبلة الاستفتاء"[67]. فرأى البعض في الاستفتاء "رسالة مسمومة"[68]، أو تشويشا على الانتخابات[69] أو مؤامرة في حين اعتبره البعض الآخر رجوعا إلى الشعب ضد انزلاق محتمل نحو المجهول أو دكتاتوريّة جماعيّة جديدة[70]، وقيل إنه "حقّ أريد به باطل"[71] و زيد أنّه مستحيل تقنيّا و قانونا[72]. والملاحظ أنّ انسحاب بعض الأحزاب السياسية، "مثل حزب حركة النهضة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية"، من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، وتوتّر العلاقة بين الهيئة والحزب الديمقراطي التقدمي عند مناقشة مسألة تمويل الأحزاب السياسية من طرف الشركات، ما كانت لتساهم في معالجة الأزمة صلب الهيئة العليا.

وبمناسبة لقاء نظّمته منظمة غير حكومية سويسرية "مركز الحوار الإنساني"[73] يوم 27 جويليةّ 2011 ودعت إليه رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وبعض الأحزاب السياسية المنتمية إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، دار النقاش حول الوضع السياسي في البلاد، ثمّ اتّفق الجانب التونسي على أن يواصل هذه الاجتماعات فــي "حوار مفتوح" بين الأحزاب السياسية. وأمام استحالة دعوة الأكثر من 100 حزب الموجودة أو تبنّي معايير موضوعيّة لاستدعاء البعض دون البعض.   الآخر، تقرّر الاكتفاء بالأحزاب الممثّلة في الهيئة العليا. إلا أنّ هذا الحلّ كان يستوجب حتما أن يبقى الحوار خارج إطار الهيئة العليا، نظرا إلى أنّ بعض الأحزاب المعنيّة انسحبت منها. ولتبرير إشراف رئيس الهيئة تقرّر أن تكون المبادرة شخصيّة، لا علاقة لها بسير الهيئة العليا. و رغم ذلك تسبب هذا الحلّ الذي كان يهدف إلى إنقاذ الانتخابات في توتّر الجو داخل الهيئة العليا و مآخذة  رئيسها على أنّه همّش الهيئة[74].

 وبعد ستة اجتماعات تراوحت بين 5 أوت و 12 سبتمبر، وأمام المخاطر التي كانت تهدّد المسار الانتقالي جرّاء الحملة حول الاستفتاء وتطاحن الأحزاب، ركّز ممثّلو الأحزاب[75] هذا الحوار على إيجاد حلّ للأزمة. و في نهاية الأمر وصلنا إلى إعداد وثيقة أطلق عليها عنوان " إعلان المسار الانتقالي" . وفي يوم الخميس 15 سبتمبر في موكب حضرته الصحافة ووسائل الإعلام، أقيم بقصر المؤتمرات، وقع الإعلام بهذه الوثيقة وتوقيعها من قبل الإحدى عشر حزبا أعضاء الهيئة العليا وقد تمسّك "المؤتمر من أجل الجمهورية" بموقفه الرافض لتحديد مدّة المجلس التأسيسي فأبى التوقيع على الإعلان. و نظرا لأهميّته نورد النصّ كاملا:

" بمبادرة من الأستاذ عياض ابن عاشور واصل ممثلو الاثني عشر حزبا  حوارهم المفتوح حول سبل إنجاح المسار الانتخابي  والمرحلة الانتقالية القادمة. وفي هذا الاطار توصلوا إلى:

1)التأكيد على الالتزام المطلق بالموعد الانتخابي المحدّد تاريخه لـ23 أكتوبر 2011 .

2)التأكيد على الالتزام بمدونة سلوك الأحزاب السياسيّة والمترشحين الصادرة عن الهيئة المركزيّة للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وذلك خلال كامل المرحلة الانتقالية لضمان الاحترام المتبادل بين المتنافسين السياسيين وقطاع الاعلام قصد تجنب التجريح والإثارة وكذلك تحييد أماكن العبادة والمؤسسات التعليمية وأماكن العمل  من كل دعاية  أو نشاط حزبي.

3) الاتفاق على ضرورة أن لا تتجاوز فترة أشغال المجلس الوطني التأسيسي مدّة السنة على أقصى تقدير حتى تنصرف البلاد ومؤسساتها لمعالجة جملة القضايا الأساسية الأكيدة سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي.

4) استمرار التشاور والتوافق بين مختلف الأطراف لحسن إدارة هذه المرحلة الانتقالية الجديدة.

5) وضع تصور عام يتسم بالمرونة لكيفية انتقال السلطات مباشرة إثر انتخاب المجلس التأسيسي ومن أهم معالمه :

ــ أن تواصل الحكومة الانتقاليّة الحاليّة والرئيس المؤقت مهامها إلى حين أن ينتخب المجلس الوطني التأسيسي رئيسا جديدا للجمهوريّة وأن يشكّل هذا الأخير حكومة جديدة.

ــ  أنّ الرئيس المؤقت الحالي يدعو مباشرة إثر الإعلان عن النتائج النهائيّة للانتخابات إلى التئام أول اجتماع للمجلس الوطني التأسيسي.

ــ وأنّ المجلس التأسيسي ينتخب فورا رئيسا له لإدارة وتسيير أشغاله وتنظيم جلساته ويكوّن لجنة لصياغة نظامه الداخلي.

ــ وأنّ المجلس التأسيسي يحدّد النظام الجديد للسلط العموميّة وينتخب رئيس الدولة الجديد على أساسه.

ــ وأنّ رئيس الدولة الجديد يكلّف شخصيّة بتشكيل حكومة بعد التشاور مع المجموعات المكوّنة للمجلس الوطني التأسيسي.

ــ وأنّ رئيس الحكومة المكلّف يعرض فريقه وبرنامج حكومته على مصادقة المجلس الوطني التأسيسي.

ــ وأنّ المجلس الوطني التأسيسي ورئيس الجمهورية الجديد والحكومة يباشرون مهامهم إلى أن يتم تعويضهم نهائيا بسلط قارة على أساس الدستور الجديد  المصادق عليه من قبل المجلس التأسيسي .  

التوقيع  :

عن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات – مصطفى بن جعفر الأمين العام، عن حركة التجديد – أحمد إبراهيم، الأمين العام، عن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين – أحمد الخصخوصي، الأمين العام، عن حركة الوطنيين الديمقراطيين – شكري بلعيد، المنسّق العام، عن حزب الإصلاح والتنمية – محمد القوماني، الأمين العام، عن حزب تونس الخضراء – عبد القادر الزيتوني، المنسّق العام، عن الحزب الديمقراطي التقدّمي – ميّـة الجريبي، الأمينة العامة، عن حركة النهضة – راشد الغنوشي، رئيس، عن حزب العمل الوطني الديمقراطي – محمد جمور، عن حزب الطليعة العربي الديمقراطي – خير الدين الصوابني، عن الحزب الإشتراكي اليساري – محمد الكيلاني.



◘ آثار الإعلان و تقييمه



          كما ذكر بعض الصحفيين، يبدو أن "إعلان المسار الانتقالي" قبّر فكرة الاستفتاء[76] ، لأنّه بدّد جملةُ مخاوف من كان يخشى أن تسيرالبلاد نحو المجهول. فقد أكّد الالتزام المطلق بالموعد الانتخابي، و حدّد مدّة أشغال المجلس إلى سنة "على أقصى تقدير" و ضبط مسطرة طريق، لانتقال السلطة إثر الانتخابات وإلى غاية صدور الدستور وتعيين السلط الشرعيّة  الدائمة على أساسه. و على هذا الأساس كان له صدى إيجابيي ما عدا استثناءات قليلة[77]. فليس من الغريب أن خمدت بعده حملة الاستفتاء ورجع الهدوء إلى الساحة السياسيّة، مما ضمن توفير الظروف الملائمة لإنجاح المسار الانتخابي في موعدها.

تساءل البعض عن إلزاميّة الإعلان، هل له صبغة قانونية تلزم أصحابه؟ سوف نجيب عن هذا السؤال، في المبحث الثاني، عند التعرّض للجدل القائم حول مدى شرعيّة المجلس التأسيسي بعد 23 أكتوبر2012.

الانتخابات من التعجيز إلى الإعجاز.

           تطلّبت العمليّة الانتخابيّة إعدادات كثيرة على مستوى الخبرات القانونيّة و التقنيّات و الآليّات الانتخابيّة و الإداريّة و الاتصاليّة والماليّة يصعب حصرها في حدود هذا البحث[78]. ما كانت تونس من البلدان التي ألفت هذه المسائل على مدى الأمد الطويل حتّى تصبح عندها تقليدا يمارس بيسر، بل فُرض عليها أن تحدث الأشياء من شبه عدم، بما كان ذلك يستلزم من ابتكار و قدرة استنباطيّة  و خيال خلاق، بجانب التردّد والتعثّر والتراجع. و من هذه الناحيّة قامت الهيئتين بما عليها، لإنجاح التجربة رغم الحملات التعجيزيّة التي شنّها من لا صناعة له يصنعها للتعريف بنفسه غير النميمة والهمز[79].

+ انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

         عملا بالمرسوم عدد 27، توّلت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم الاثنين 9 ماي 2011. وكان عليها أن تنتخب 3 أعضاء عن الهيئة الوطنية للمحامين وعضوا واحدا لكلّ مجموعة من الآتية : الجمعية الوطنية لعدول الإشهاد، والجمعية الوطنية للعدول المنفذين، و هيئة الخبراء المحاسبين، والهيئة الوطنية للصحافيين التونسيين، و التونسيين بالخارج، و المنظمات غير الحكومية المختصة في حقوق الإنسان،  والمختصون في الإعلامية،  وعضوين اثنين عن الأساتذة الجامعيين. وقد آل فرز أوراق الاقتراع إلى اختيار الإحدى عشر عضوا الممثلين عن المؤسسات المذكورة آنفا[80]. إلاّ أنّ ممثّلي القضاء، للأسباب المذكورة آنفا، قاطعوا الانتخابات، فتعيّن على الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أن تؤجلها وأن تلجأ إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 8 من المرسوم عدد 27. وعملا بذلك قامت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة باستكمال تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (16 عضوا)  يوم الثلاثاء 17 ماي 2011 [81].  

+ أعمال الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

           بقطع النظر عن الصعوبات المادية واللوجستية والإدارية الكثيرة التي تعرّضت إليها الهيئة الانتخابية فمن الأوّل صارت محلّ احتراز وانتقاد من بعض الأحزاب السياسية وعلى رأسهم حزب حركة النهضة، الذي لم ينجح في تغليب التصويت على المرشحين المقربين منه صلب هيئة تحقيق أهداف الثورة، والذي كان يُظهر احترازا إزاء الهيئة و رئيسها،  كمال الجندوبي. بجانب ذلك تعرّضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى مشاكل أخرى تمثّـلــت، على المستوى القانوني، في ضرورة تحيين المرسوم عدد 27[82] و إعداد مشاريع أوامر تطبيقيّة وقرارات ترتيبيّة، و على المستوى السياسي في تكاثر الأحزاب ( أكثر من 100) الموجودة على الساحة التونسية، وتنظيم الحملة الانتخابية، ومسألة الإشهار السياسي[83] وعلى المستوى التقني في تكوين المكوّنين وانتداب الإطار للهيئات الجهويّة وموظّفي تسجيل الناخبين و أعوان مكاتب الاقتراع[84] . ومن كلّ هذه النواحي كانت الهيئة تواجه حواجزعديدة كالتي واجهتها بمناسبة قضية الإشهار السياسي من عدم الانضباط من قبل بعض الأحزاب السياسية، مثل الحزب الديمقراطي التقدمي و بعض وسائل الإعلام و وكالات الاتصال[85] .

         لا يمكن لنا، في حدود هذا المقال،  أن نتعرّض، ولو على وجه الإيجاز، لتحليل الأعمال القيّمة التي قامت بها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والتي استأثرت باعتراف الجميع، بما فيهم الذين أبدوا تحفظاتهم قبل الانتخابات. ومن أصعب المسائل التي تعرّضت إليها الهيئة، نذكر أوّلا تأويلها الخاص المتعلق بالهيئات الجهورية التابعة للهيئة المركزية، وثانيا المشاكل المتعلقة بتسجيل الناخبين وإعداد سجلّهم، وثالثا مسألة تمثيل التونسيين بالخارج.

       على جميع هذه المستويات، و رغم الشكوك و الخوف من الإخفاق،  قد أبدعت الهيئة في كيفية عملها وتأويلها للمرسوم عدد 27 ، وتونسة الحلول إلى أقصى تقدير. و بجانب رئيس الهيئة كمال الجندوبي و فريق الهيئة المركزيّة و الهيئات الجهوية، قام السيّد عادل قعلول كاتب الدولة المكلّف بالتكنلوجيا و الأستاذ رضا بالحاج الوزير المعتمد المكلّف بالملف الانتخابي من قبل الوزير الأول بدور حاسم في التنسيق و التشجيع و بثّ روح التفاؤل بجانب اعتبار الواقعيّة، و كم كنّا في حاجة إلى ذلك و نحن على جمر المؤجّجين والمضرمين. بالنسبة للإشكال الأوّل، كوّنت الهيئة المركزية على مستوى الدوائر الانتخابية الداخليّة (27) والخارجيّة (6) هيئات جهوية مماثلة تقريبا للهيئة المركزية. و ما كان المرسوم الانتخابي عدد 35،  ولا المرسوم عدد 27، يقتضيان هذا التأويل، بل كان المفروض أن تكون هياكل تنفيذيّة لا أكثر. وقد نُظر إلى الأمر قي البداية بعين التحفظ والخشية نظرا لما فيه من تعقيد على جملة العملية الانتخابية. وقد بيّنت التجربة أنّ الهيئة أصابت الاختيار و أنّ الهيئات الجهوية كانت في الجملة ضمانا للشفافيّة. على مستوى تسجيل الناخبين، واجهت الهيئة بعض الصعوبات، منها التأخّر في تسجيل الناخبين الحاملين لبطاقات التعريف، ثمّ السماح لهم بالتصويت المباشر دون تسجيل سابق، و في النهاية إمكانية التصويت دون بطاقة التعريف، وعلى أساس وثيقة رسميّة أخرى مثل جواز السفر.  أمّا بالنسبة لاختيار الدوائر الانتخابية خارج تونس وجدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بمساعدة خبراء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و وزارة الخارجية- و إن كان بشيء من التقاعس- حلولا ناجعة لتأطير هذه العمليّة الحسّاسة التي مكّنت التونسيين بالخارج أن يساهموا لأول مرّة وعلى أوسع نطاق في انتخابات نيابيّة.

+ اليوم المشهود، الأحد 23 أكتوبر 2011     

          سوف يبقى هذا اليوم في الذاكرة الجماعية التونسية رمزا وتذكارا لا يأتي عليهما التقادم. فالجميع يتذكّر شعور الفخر والاعتزاز بهذا الموعد التاريخي،  الذي توجّه فيه الناخبون صفوفا لمكاتب الاقتراع من الصباح الباكر لأداء حقّهم و واجبهم الانتخابي، بحريّة وفي إطار تعدّدي لم يسبق له مثيل، تحت إشراف "هيئة الجندوبي". و قد شاهد المراقبون الدوليّون و التونسيّون مشاهد ذات قوّة عاطفيّة و رمزيّة لا تقدّر بمكيال، من وطنيّة بالغة و تفاخر بالبلد الصغير الذي طالت ثورته الأصقاع الناّئية و طار صيته إلى الصين.

+النتائج الانتخابيّة.

             رغم التأخير الملحوظ في الإعلان عن نتائج الانتخابات، بسبب تكاثر مشاكل الفرز والتقييد و  التجميع، تولـّـت الهيئة العليا المستقلة التصريح بالنتائج النهائية بقرار 13 نوفمبر 2011  نُـشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية[86]. وكانت النتائج على النحو الآتي[87] :

.I القائمات الحزبية


القائمات الحزبية
          
            عدد المقاعد
  بالمجلس الوطني التأسيسي
 
عدد الأصوات الجملي
حركة النهضة
89
1498905
المؤتمر من أجل الجمهورية
29
352825
حزب التكتـّل
20
285530
الحزب الديمقراطي التقدمي
16
160692
حزب المبادرة
5
12215
حزب آفاق تونس
4
76643
البديل الثوري (حزب العمال
الشيوعي التونسي)
3
60620
حركة الشعب
2
31793
حركة الديمقراطيين
الإشتراكيين
2
22842
الحزب الليبيرالي المغاربي
1
13053
حزب العدالة والمساواة
1
7619
حزب النضال التقدمي
1
9329
الحزب الدستوري الجديد
1
15459
حزب الأمة الديمقراطي
 الإجتماعي
1
15572
حزب الأمة الثقافة الوحدوي
1
5581
الاتحاد الوطني الحر
1
51594
حركة الوطنيون
الديمقراطيون
1
32306
17 قائمة حزبية
178
2769578



 .IIقائمات المستقلة :

العريضة الشعبية
26
280382
صوت المستقبل
1
17340
المستقل
1
9923
من أجل جبهة وطنية تونسية
1
10681
الأمل
1
11578
الوفاء
1
6680
النضال الاجتماعي
1
6680
العدالة
1
9221
الوفاء للشهداء
1
3869
 32 قائمة مستقلـّة
34
361846



III. القائمات الائتلافية :

القائمات الائتلافية
    عدد المقاعد
  العدد الجملي للأصوات
القطب الديمقراطي الحداثي
5
113094





           أثارت هذه النتائج ما أثارت من تحليل و استغراب وتساؤل حول ثلاثة مسائل وهي انهزام  ما عُنَون ب"اليسار" و بالخاصة الحزب الديمقراطي التقدمي الذي كان يحظى، حسب بعض المؤسّسات الإحصائيّة بنسبة غير بعيدة بكثير عن حزب النهضة و القطب الديمقراطي الحداثي، ثمّ ببروز "العريضة" التي لم تذكر قبلُ فتحصّلت على الرتبة الثالثة في كسب المقاعد، و تشتيت الأصوات وضعف نسبة المقاعد بالنسبة للمستقلّين، و كثرة الأصوات الميّتة لفائدة مرشحين أشباح.

خاتمة:  التنظيم المؤقت الثاني للسلط العمومية المؤقّتة.  ما بعده ؟

           و في 12 نوفمبر2011 دعا رئيس الجمهوريّة المؤقت،  بقصر قرطاج،  الأحزاب السياسيّة  و رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، واتفقوا، بعد نقاش ثريّ و هادئ، على مشروع  الأمر الذي أعدّته لجنة الخبراء لدعوة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي لجلسته الافتتاحيّة، وهو الأمر عدد 3576 لسنة 2011 المؤرخ في 14 نوفمبر 2011 و المتعلق بدعوة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي لحضور جلسته العامة الافتتاحية[88].

           وفي يوم مشهود آخر، يوم 22 نوفمبر2011، في جوّ مهيب طافح بمشاعر الاعتزاز و الشعور بعودة الوعي و الحريّة التي سُلبت منّا و التي خلّصتها الثورة من سجنها،  اجتمع الفائزون بقصر باردو، ليضعوا لنا دستورا لجمهوريّة مدنيّة وديمقراطيّة وثوريّة ولمواطنين أحرار.  و في الجلسة الافتتاحيّة وقع تطبيق الفصل 2 :" إلى حين انتخاب رئيس المجلس الوطني التأسيسي يرأس الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس أكبر الأعضاء سنّا وذلك بمساعدة أصغرهم وأصغرهن سنا"، فشاءت الأقدار أن كان الأكبر هو السيّد الطاهر هميلة، من حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة ! ليتنا، لو كنّا عالمين ، اكتفينا بالاثنين الأصغرين!

            ثمّ تدرّجت الأمور طبقا لإعلان 15 سبتمبر، كي تتواصل الدولة دون انقطاع أو فراغ. فتمّ انتخاب رئيس المجلس التأسيسي في الجلسة الافتتاحية، واستقالت الحكومة و كُلّفت بتصريف الأعمال إلى حين تعيين الحكومة الجديدة وفي 12 ديسمبر تمّ انتخاب الرئيس المؤقّت الجديد اامنصف المرزوقي، وفي 16 ديسمبر2011 وقع التصويت على القانون التّأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المتعلّق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، المسمّى "الدستور الصغير". و على أساس القانون الأساسي، تمّ تكليف  السيّد حمّادي الجبالي بتشكيل الحكومة، بالقرار الجمهوري عدد 1 المؤرّخ في 14 ديسمبر2011، ثمّ تسميته رئيسا للحكومة بالقرار الجمهوري عدد 2 المؤرّخ في 24 ديسمبر 2011 و في النهاية وقع تعيين أعضاء الحكومة بالأمر عدد 4796 المؤرخ في 39 ديسمبر2011. و بموكبي تسليم السلطة من الرئيس المؤقّت فؤاد المبزع إلى الرئيس المنتخب المؤقّت، بقرطاج يوم 13 ديسمبر، و من الوزير الأول الباجي قائد السبسي  إلى رئيس الحكومة حمّادي الجبالي، بالقصبة يوم 26 ديسمبر2011 انتهت المرحلة الانتقاليّة الأولى بنجاح سيذكره التاريخ، رغم الحواجز و العراقيل العديدة.

            هذه لمحات سريعة للمشهد الدستوري في هذه المرحلة الانتقاليّة الأولى. لقد تولّينا البحث من زاوية خاصة، واعين بأنّ ذلك يمثّل جانبا من الحقيقة يستوجب التكميل. فعلى الباحثين أن يواصلوا الجهد للمزيد من التوسّع و التعمّق و التدقيق. في هذه المرحلة، أتى كلّ واحد من الفاعلين الأساسيين بأقصى ما لديه من قدرة، لإنجاح الفترة.  فلا نقلّ من دور الوزير الأول محمد الغنوشي، الذي يرجع إليه تأسيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في ظروف لا تحصى صعوباتها. و نعترف بما قام به الوزير الأول الباجي قائد السبسي و أعضده  و الوزراء و الإدارة العموميّة والمؤسّسة الأمنية والجيش الوطني بقيادة الفريق أول رشيد عمّار و وزير الدفاع الإستاّّذ عبد الكريم الزبيدي، لإنقاذ الوضع من التدهور الخطير، كما  نهيب بالإنجازات و المكاسب الثوريّة التي حقّقتها الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.

         ومن المفارقة أن كان سرّ نجاحهم افتقارهم إلى الشرعيّة الانتخابية الشعبيّة، ممّا كرّس في نفوسهم روح التواضع  والمحاذرة و القناعة  بل الزهد أحيانا[89].

        ماذا فُعل بهذا الرصيد، من قبل الذين انتخبهم الشعب انتخابا لا شوب فيه و لا روب، مسندا إياهم شرعيّة وقوّة سياسيّة واعتبارية لم يسبقها نظير؟ على المبحث الثاني أن يجيب عن هذا السؤال.


























[1]  برهان غليون، "الثورة السوريّة الكبرى أمام تحدّي الانتصار"، قضايا إستراتيجية، عدد 6، جويليّة.أوت.سبتمبر 2012 ، ص، 17.
[2]Rafaâ Ben Achour et  Sana Ben Achour, «  La transition démocratique en Tunisie : entre légalité constitutionnelle et légitimité révolutionnaire », à paraître dans la revue française de droit constitutionnel.2012.




[3] عياض ابن عاشور، حديث للصحيفة المغربيّة " أخبار اليوم « ، الثلاثاء 31 جانفي 2012، ص 14.


[4] الفصل 56 ( نقحت الفقرة الثالثة بمقتضى القانون الدستوري عدد51 لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002).لرئيس الجمهوريّة إذا تعذر عليه القيام بمهامه بصفة وقتيّة أن يفوّض بأمر سلطاته إلى الوزير الأول ما عدا حق حل مجلس النواب.وأثناء مدة هذا التعذر الوقتي الحاصل لرئيس الجمهوريّة تبقى الحكومة قائمة إلى أن يزول هذا التعذر ولو تعرضت الحكومة إلى لائحة لوم..


ويعلم رئيس الجمهوريّة رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين بتفويضه المؤقت لسلطاته.


[5] الفصل 57 (نقحت الفقرات الأولى و 2 و5 بمقتضى القانون الدستوري عدد 51 لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002).


عند شغور منصب رئيس الجمهوريّة لوفاة أو لاستقالة أو لعجز تام، يجتمع المجلس الدستوري فورا، ويقر الشغور النهائي بالأغلبيّة المطلقة لأعضائه، ويبلغ تصريحا في ذلك إلى رئيس مجلس المستشارين ورئيس مجلس النواب الذي يتولّى فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه ستون يوما. وإذا تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النوابن يتولّى رئيس مجلس المستشارين مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لنفس الأجل.


ويؤدي القائم بمهام رئيس الجمهوريّة بصفة مؤقتة اليمين الدستوريّة أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين الملتئمين معا، وعند الاقتضاء أمام مكتبي المجلسين. وإذا تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النواب، يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس المستشارين وعند الاقتضاء أمام مكتبه.


ولا يجوز للقائم بمهام رئيس الجمهوريّة بصفة مؤقتة الترشح لرئاسة الجمهوريّة ولو في صورة تقديم استقالته.


ويمارس القائم بمهام رئيس الجمهوريّة بصفة مؤقتة المهام الرئاسيّة على أنّه لا يحقّ له أن يلجأ إلى الاستفتاء أو أن ينهي مهام الحكومة أو أن يحلّ مجلس النواب أو أن يتخذ التدابير الاستثنائيّة المنصوص عليها بالفصل 46.


ولا يجوز خلال المدة الرئاسيّة الوقتيّة تنقيح الدستور أو تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.


وخلال المدة الرئاسيّة الوقتيّة يتم انتخاب رئيس جمهوريّة جديد لمدّة خمس سنوات.


ولرئيس الجمهوريّة الجديد أن يحلّ مجلس النواب ويدعو لانتخابات تشريعيّة سابقة لأوانها وفقا للفقرة الثانية من الفصل 63.






[6] العفو العام، حقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة، النظام الانتخابي، الصحافة، تنظيم الأحزاب السياسيّة، الجمعيّات والمنظمات غير الحكوميّة، مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، تنمية الاقتصاد، النهوض الاجتماعي، الماليّة والجباية، الملكيّة، التربية والثقافة، مجابهة الكوارث والأخطار، الاتفاقيّات الدوليّة المتعلّقة بالتعهدات المالية للدولة، المعاهدات الدوليّة التجاريّة والجبائيّة والاقتصاديّة والاستثماريّة، المعاهدات الدوليّة المتعلّقة بالعمل وبالمجال الاجتماعي، المعاهدات الدوليّة ذات الصلة بحقوق الانسان والحريّات الأساسيّة.


[7] المرسوم عدد 5:


الفصل الأول. طبقا لأحكام الفصل 28 من الدستور، يفوّض إلى رئيس الجمهوريّة المؤقت اتخاذ مراسيم ابتداء من تاريخ نشر هذا القانون بالرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة وإلى غاية انتهاء مهامه وذلك في المجالات التالية.


الفصل 2. تتمّ المصادقة على المراسيم التي يتمّ اتخاذها تطبيقا لأحكام الفصل الأول من هذا القانون طبقا للفصل 28 من الدستور.


ينشر هذا القانون بالرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة وينفّذ كقانون من قوانين الدولة.


تونس في 9 فيفري 2011. رئيس الجمهوريّة المؤقت . فــؤاد المبزّع.


[8] مرسو م عدد 1 لسنة 2011، مؤرخ في 19 فيفري ،2011 يتعلق بالعفو العام، الرّائد الرسمي للجمهوريّة التوّنسيّة، عدد 12،ص 183


[9] مرسو م عدد 3 لسنة 2011، مؤرخ في 19 فيفري ،2011 يتعلق بالموافقة على انضمام الجمهوريّة التونسيّة إلى البروتوكول الاختياري ملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة و السيّاسية ،. ر.ر.ج. ت. عدد 12، ص 184 .


[10] مرسو م عدد 4 لسنة 2011، مؤرخ في 19 فيفري ،2011 يتعلق بالموافقة على انضمام الجمهوريّة إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة و إلى اتفاق امتيازات المحكمة و حصاناتها، ر.ر.ج.ت.، عدد 12، ص 185.


[11] مرسو م عدد 5 لسنة 2011، مؤرخ في 19 فيفري 2011 ، يتعلق بالموافقة على انضمام الجمهوريّة التونسيّة إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقيّة مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانيّة أو المهينة، ر.ر.ج.ت.، عدد 12، ص 181.


[12] مرسوم عدد 6 لسنة 2011 مؤرخ في 18 فيفري 2011 يتعلق بإحداث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، ر.ر.ج.ت.، عدد 13، ص 200.


[13] مرسوم عدد 7 لسنة 2011، مؤرخ في 18 فيفري 2011 يتعلق بإحداث اللجنة الوطنيّة لتقصي الحقائق حول الرشوة و الفساد، ر.ر.ج.ت.، عدد 13، ص 201.


[14] مرسوم عدد 8 لسنة 2011، مؤرخ في 18 فيفري 2011، يتعلق بإحداث اللجنة الوطنيّة لاستقصاء الحقائق في التجاوزات المسجّلة خلال الفترة الممتدّة من 17 ديسمبر 2011 إلى حين زوال موجبها، ر.ر.ج.ت.، عدد 13 ، ص 203 .


[15] مرسوم عدد 10 لسنة 2011، مؤرخ في 2 مارس 2011، يتعلّق بإحداث هيئة وطنيّة مستقلّة لإصلاح الإعلام و الاتصال، ر.ر.ج.ت.، عدد 14 ، ص 225 .


[16] "المحرر"، "تراجع احتمال الاستفتاء و بقي المشكل قائما"،11 سبتمبر 2011، ص 5.


[17] أمين محفوظ، "من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السيّاسي والانتقال الدّيمقراطي إلى المجلس الوطني التّاسيسي"، منبر المحامي،سوسة، نوفمبر 2011، عدد 2، ص 1-15.


[18]و قد كنت حاضرا هذا اللقاء مع الأستاذ الصادق بلعيد. و أعلن الوزير الأول أن تسند لجنة التقصي حول الرشوة والفساد للأستاذ عبد الفتاح عمر، و لجنة استقصاء الأحداث للأستاذ الأزهر القروي الشابي (ثمّ اختير الأستاذ توفيق بودربالة) و لجنة الإصلاح السياسي للأستاذ عياض ابن عاشور.


[19] التي كانت تحتوي في البداية على 12 عضوا (البلاغ الصادر عن اللجنة يوم 28 جانفي 2011 )، ثمّ استقرتّ تركيبتها فيما بعد إلى الأعضاء الآتي ذكرهم : عياض ابن عاشور، محمد صالح بن عيسى، غازي الغرايري، محمد رضا جنيح، فرحات الحرشاني، سليم اللغماني، مصطفى باللطيف، حفيظة شقير، محمد شفيق صرصار، منير السنوسي، أمين محفوظ، أسماء نويرة، عمر البوبكري، نجاة اليعقوبي، وسيلة الكعبي، حمادي الزريبي، معتز القرقوري، لمياء ناجي، يسرى فراوس، سلمى السميري، سليم كمون.


[20] اللجنة الدستوريّة، اللجنة القضائيّة، اللجنة الانتخابيّة، لجنة الحرّيات،لجنة الصحافة و الإعلام.


[21] انظر البلاغ الصادر عن د.رضا بن عيسى، منسّق المبادرة، في 23 فيفري 2011.


[22] وبهذه الصيغة لا أحد يدري ما هي علاقة لجنة الإصلاح السياسي بالسلطة القضائيّة.


[23] وقد رفض بعض الأحزاب والجمعيات و الشخصيات الوطنيّة أو انسحبوا من المبادرة، كحزب التجديد والحزب الدّيمقراطي التقدّمي والجمعيّة التونسيّة للنساء الديمقراطيات و النقابة الوطنيّة للصحافيين.


[24] الهيئة الوطنية للمحامين : عبد الرزاق الكيلاني، الإتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي – التكتل من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر – حزب العمال الشيوعي، حمة الهمامي – التيار البعثي، خير الدين الصوابني. حزب حركة النهضة، نور الدين البحيري – حركة الشعب، عمر الشاهد – حركة الوطنيون الديمقراطيون، شكري بلعيد – حركة البعث، خميس الماجري – الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، سمير ديلو –رابطة اليسار العمالي، نزار عمامو – الحركة الوحدوية التقدمية، زهير نصري – حزب العمل الوطني الديمقراطي، عبد الرزاق الهمامي – جمعية القضاة التونسيين، أحمد الرحموني – اتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل، سالم العياري – منظمة حرية وإنصاف، محمد النوري- حزب تونس الخضراء، فوزي الهذباوي – النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، منجي الخضراوي – الودادية الوطنية لقدماء المقاومين ، علي بن سالم – تيار الإصلاح والتنمية، محمد القوماني – الإتحاد العام لطلبة تونس، عز الدين زعتور – الحزب الشعبي للحرية والتقدّم، منير كشوخ – اليساريون المستقلون، طارق شامخ –مركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة، المختار اليحياوي –الوطنيون الديمقراطيون (الوطد)، جمال الأزهر- رابطة الكتاب الأحرار، جلول عزونة – الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب ، راضية النصراوي.


[25] ومن الشخصيات الوطنيّة التي أشرفت على المبادرة ثمّ انسحبت منها الأستاذ أحمد المستيري. و في هذا الصدد انظر المقال النقدي للأستاذ فاخر ألقفصي "من خطاب الحماية إلى ممارسة الوصاية"،


[26] أمر عدد 234 لسنة 2011 مؤرخ في 19 فيفري 2011 يتعلق بتسمية السيد عياض ابن عاشور رئيسا للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.


[27] "الصريح"، الخميس 31 مارس 2011، ص 5.


[28] - الأستاذ الباجي قائد السبسي الذي ما كان ينظر مبدئيّا للهيئة بعين الرضا بل هو يعتبرأنّ السيّد محمد العنوشي قبلها خطأ.


[29] مــرسـوم عدد 35 لسنة 2011 مؤرخ في 10 ماي 2011 يتعلق بانتخاب المجلس الوطني الـتأسيسي منقّح بالمرسوم عدد 72 لسنة 2011 مؤرخ في 3 أوت 2011.


[30] مرسوم عدد 27 لسنة 2011 مؤرخ في 18 أفريل 2011 يتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات.


[31] مرسوم عدد 87 لسنة 2011 مؤرخ في 24 سبتمبر 2011 يتعلق بتنظيم الأحزاب السياسي.


[32] مرسوم عدد 88 لسنة 2011 مؤرخ في 24 سبتمبر 2011 يتعلق بتنظيم الجمعيات.


[33] مرسوم عدد 116 لسنة 2011 مؤرخ في 2 نوفمبر 2011 يتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري.


[34] مرسوم عدد 115 لسنة 2011 مؤرّخ في 2 نوفمبر 2011 يتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر.


[35] انظر الندوة الصحفيّة يوم 6 جوان 2011، للأمين العام للحزب السيّد حمادي الجبالي، بمناسبة الذكرى الثلاثين لانبعاث حركة النهضة، "الشروق"، 7 جوان 2011، ص 9 . و "الصحافة"، 7 جوان 2011، ص 4. كذلك، راشد الغنّوشي، "الصريح" 12 جويليّة 2011، ص 4.


[36] الصافي سعيد،"مساء الخير ايتها القهرمانة، الهيئة العليا"، "عرابيا"، الأحد31 جويلية 2011،ص 3.


[37] Sadok Belaïd, « Il est temps de dissoudre la Haute Instance », La Presse, Dimanche 15 juin 2011, p. 6.


[38] عياض ابن عاشور، حديث مع أيمن الزمّالي، "الصباح"، 15 أفريل 2011، ص 4.


[39] انظر على سبيل المثال البيان الصادر في 4 جوان 2011 عن 12 عضو من الهيئة العليا (أطلق عليهم عنوان الG12) ينتصرون فيه لمواقف حزب النهضة إزاء "الطرف السياسي والإيديولوجي " المهيمن، حسب تقديرهم، على الهيئة ، و على رئيسها الذي يبدي "دورا غير حيادي"، "الشروق"،الأحد 5 جوان، ص 3.


[40] قيس سعيّد، "الصباح"، 13 أفريل 2011، ص 9.


[41] "الشروق"، 13 أفريل 2011، ص5.


[42] "الصباح، "13 أفريل 2011، ص8.


[43] الصادق بلعيد، « Le Cheval de Troie »،, p.5 avril 2011 La Presse,13


[44] "الصباح"، 13 أفريل 2011، ص 8.


[45] وهي القطرة التي أفاضت الكأس، حسب تقديري.


[46] الفصل 3 ـ تمارس المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات صلاحياتهما طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل والمتعلقة بضبط تنظيمهما وتحديد مشمولات أنظارهما والإجراءات المتبعة لديهما


[47] الفصل 17 ـ تنظم السلطة القضائية بمختلف أصنافها وتسير وتمارس صلاحياتها وفقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل.


أمر علي مؤرخ في 3 أوت 1956 منقح لأمر 21 سبتمبر1955. [48]


[49]الفصل5ـ تتخذ شكل مراسيم النصوص المتعلقة بـ :
ـ الترخيص في المصادقة على المعاهدات،ـ العفو التشريعي وحقوق الإنسان والحريات الأساسية،ـ النظام الانتخابي والصحافة والإعلام والاتصال والنشر،ـ تنظيم الأحزاب السياسية وتمويلها والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والمهن،
ـ مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال،ـ تنمية الاقتصاد،ـ قانون الشغل والضمان الاجتماعي والصحة،ـ المالية والجباية،ـ نظام الملكية والحقوق العينية،ـ التربية والتعليم والثقافة،ـ مجابهة الكوارث والأخطار الداهمة واتخاذ التدابير الاستثنائية،
ـ الإجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم وضبط الجنايات والجنح والعقوبات المنطبقة عليها وكذلك المخالفات الجزائية إذا كانت مستوجبة لعقوبة سالبة للحرية،ـ الضمانات الأساسية للموظفين والأعوان المدنيين والعسكريين،ـ الجنسية والحالة الشخصية والالتزامات،ـ الأساليب العامة لتطبيق هذا المرسوم. وبصفة عامة كل المواد التي تدخل بطبيعتها في مجال القانون.


[50] مثلما هو الشأن بالنسبة للمرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 يتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات، والمرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي، والمرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 يتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، والمرسوم عدد 88 لسنة 2011 مؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات،والمرسوم عدد 115 لسنة 2011 المؤرّخ في 2 نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، والمرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري.


[51] راشد الغنّوشي، "الصريح" 12 جويليّة 2011، ص 4.


[52] حمّادي ألجبالي، "الشروق"، 7 جوان 2011، ص 9. "الصحافة"، 7 جوان 2011، ص 4.


[53] " وفي صورة عدم تقديم الترشحات في الأجل المذكور أعلاه تختار الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي الأعضاء مباشرة من بين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها أعلاه".


[54] المنجي اللوز، "الصحافة"، الجمعة 15 أفريل 2011، ص 5.


[55] شكري بلعيد، "كلّ الناس"، السبت 16 إلى الجمعة 21 أفريل 2011، ص 6.


[56] أمر عدد 1089 لسنة 2011 مؤرخ في 3 أوت 2011 يتعلق بتحديد المسؤوليات صلب هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي طبقا للفصل 15 من المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي.
إن رئيس الجمهورية المؤقت،
باقتراح من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي،
بعد الإطلاع على المرسوم عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 18 فيفري 2011 المتعلق بإحداث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي،
وعلى المرسوم عدد 14 لسنة 2011 المؤرخ في 23 مارس 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية،
وعلى المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 المتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات،
وعلى المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي وخاصة الفصل 15 منه،
وعلى رأي المحكمة الإدارية.
يصـدر الأمـر الآتـي نصـه :
الفصل الأول ـ يمنع الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي، على كل من تحمّل مسؤولية في هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي وذلك طبقا لأحكام الفصل 15 من المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي.
الفصل 2 ـ تشمل المسؤوليات صلب هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي :
ـ رئاسة أو عضوية الديوان السياسي،
ـ عضوية اللجنة المركزية،
ـ المسؤولية السياسية بالإدارة المركزية حسب ما يلي ذكره :
* الأمناء القارون.* الأمناء المساعدون.* مدير الديوان.* الأمين العام للإتحاد التونسي لمنظمات الشباب.* مدير مركز الدراسات والتكوين. رؤساء الدوائر.ـ الانتماء إلى المكتب الوطني لطلبة التجمع الدستوري الديمقراطي،ـ عضوية لجان التنسيق،ـ عضوية الجامعات الترابية والمهنية،ـ رئاسة الشعب الترابية والمهنية.
الفصل 3 ـ الوزير الأول والوزراء وكتاب الدولة والهيئة العليا المستقلة للانتخابات مكلفون، كل فيما يخصه، بتنفيذ هذا الأمر الذي ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. تونس في 3 أوت 2011. رئيس الجمهورية المؤقت، فؤاد المبزع.










[57] "بيان حول الهيئة العليا" صادر عن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في 13 جويلية 2011.


[58] صحيفة "المغرب"، "منادون بالاستفتاء ورافضون له"، الثلاثاء 13 سبتمبر2011، ص 6.


[59] صحيفة "الشروق"، "من يريد الاستفتاء..."، الخميس 8 سبتمبر 2011، ص 6 و7.


[60] عرابيا، ألأحد 11 سبتمبر2011، "بين دهاء الساسة و دماء الشهداء، الاستفتاء..هل هو ضروري"تحقيق محمد باديس، ص 14.


[61] الشروق، "أكثر من 80 حزب "مع"، 12سبتمبر2011، ص3.


[62] صحيفة "المغرب"، الأربعاء 7 سبتمبر 2011، ص 5، والثلاثاء 13 سبتمبر 2011، المرجع السابق ذكره.


[63] "عرابيا"، الأحد 11 سبتمبر 2011، ص 14.


[64] صحيفة "المغرب"،"منادون بالاستفتاء ورافضون له"، الثلاثاء 13 سبتمبر2011، ص 6. ومحسن مرزوق، "مصلحة الثورة تستوجب تحديد مهام التأسيسي و مدّته"، نفس المرجع.


[65] بنسبة 57% "مع" حسب استبيان احصائي، 25% دون رأي، و 18 % "ضد"،."المحرر"، الأحد 11 سبتمبر2011، ص 5.


[66] عبد الوهاب الحاج علي،"الأسبوعي"،"، الإثنين 12 سبتمبر 2011، ص 7.


[67] محمد صالح الربعاوي، "الأسبوعي"، الاثنين 12 سبتمبر 2011، ص 4.


[68] راشد الغنوشي، مذكورا في عرابيّة، ألأحد 11 سبتمبر2011، "بين دهاء الساسة و دماء الشهداء، الاستفتاء..هل هو ضروري"تحقيق محمد باديس، ص 14.


[69] سمير الطيّب، "الأسبوعي"، الإثنين 12 سبتمبر 2011، ص 7.


[70] عبد الوهاب الحاد علي،للأسبوعي، "، الاثنين 12 سبتمبر 2011، ص 4.


[71] سمير بن عمر، في "المحرّر"، "بين رفض أحزاب و تأييد أخرى"، السبت 17 سبتمبر 2011، ص 5.


[72] شفيق صرصار، " الاستفتاء مستحيل تقنيّا"، "المحرّر"، 8 سبتمبر 2011، ص 6.


[73] " Centre pour le dialogue humanitaire"


[74] انظر تدخّل الأستاذ عبد المجيد الشرفي الذي أعلن عن انسحابه من الهيئة بجلسة مجلس الهيئة يوم الأربعاء 14 سبتمبر 2011، مداولات الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، الجزء الثاني، ص 940.


[75] الحزب الديمقراطي التقدمي، حزب التكتل من أجل العمل والحريات، حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، حزب الإصلاح والتنمية، حزب تونس الخضراء، الحزب الاشتراكي اليساري، حزب الطليعة العربي الديمقراطي، حركة التجديد، حزب العمل الوطني الديمقراطي، حركة النهضة.


[76] زياد كريشان، "المغرب"، الأربعاء 14 سبتمبر2011، ص 4. عبد العزيز المزوغي ، "هل قبّر الاستفتاء؟"،، "المغرب"،السبت 17 سبتمبر 2011، ص 2.


[77] زهير المغزاوي، ل"المغرب"،18 سبتمبر 2011، ص5 .


[78] للمزيد من التعمّق، يراجع تقرير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، "ه ع م ا"، "تقرير حول سير انتخابات المجلس الوطني التأسيسي"، فيفري 2012. سنشير إليه بترميز "ه ع م ا"، "تقرير...".


[79] كالسيّد عبد الوهاب الهاني من حزب المجد الذي ما فتئ يشهّر في الصحف بالهيئة العليا و خبرائها لمجرّد أنّهم استغاثوا بمجموعة غير حكوميّة أمريكية "آيفاس" للاستفادة بما هو مشهود لها من الخبرة والتجربة في الميدان الانتخابي. و كم أضحك حتّى أبكى، ثمّ أضحك فأبكى، ما كان يدّعي من أنّ الخبراء كانوا يكشفون لهؤلاء "أسرار الدولة" و يهدّدون أمنها.


[80] 1 - عن الهيئة الوطنية للمحامين فاز كل من : الأستاذ بوبكر بالثابت (103 من الأصوات)، الأستاذ محمد الفاضل محفوظ (96 صوتا)، الأستاذ رضا الترخاني (87 صوتا). 2 - عن الجمعية الوطنية لعدول الإشهاد فاز الأستاذ سامي بن سلامة ( 103 من الأصوات) 3 - عن الهيئة الوطنية للعدول المنفذين فاز الأستاذ نبيل البنون (80 صوتا) 4 - عن هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية فاز السيد أنزر بن حسن (65 صوتا) 5 - عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين فاز السيد العربي شويخة (72 صوتا. 6 - عن التونسيون بالخارج فاز السيد كما الجندوبي (112 صوتا) 7 - عن المنظمات غير الحكومية المختصة في حقوق الإنسان فاز الأستاذ عبد الهذيلي (90 صوتا) – 8 - عن المختصون في الإعلامية فاز السيد زكي الرحموني (67 صوتا) 9 - عن الأساتذة الجامعيين فاز كل من السيدة سعاد القلعي حرك التريكي (70 صوتا) والسيد محمد الصغير عاشوري (46 صوتا). المرجع، "مداولات الهيئة العليا لتحقيق الثورة"، الجزء الأوّل، ص 358. نشير إليها ب"مداولات ه ع ت أ ث..."


[81] من بين العشرة مترشّحين، تمّ اختيار السيد عمر التونكتي عن دائرة المحاسبات بـ 69 صوتا، والسيد محمد بن سالم عن المحاكم العدلية 65 صوتا، والسيد مراد بن مولي عن المحكمة الإدارية 60 صوتا. "مداولات ه ع ت أ ث..."، الجزء الأوّل ص 404.


[82] بالمرسوم عدد 72 المؤرّخ في 3 أوت 2011، ر.ر.ج.ت.،عدد 58، ص1370.


[83] اتخذت الهيئة قرارا في تحجير الدعاية الانتخابيّة انطلاقا من 12 سبتمبر 2011 ، "ه ع م ا"، "، تقرير..." ، ص. 45.


[84] للتمثيل البسيط، عدد المنتفعين بالتكوين على مستوى مكاتب الاقتراع .45160. ه ع م ا"، "، تقرير..." ، ص69. 8536 مكتب اقتراع داخل الجمهوريّة موزعين على 4836 مركز. وبالخارج، 371 مكتب اقتراع موزعين على66 مركزا. ه ع م ا"، "، تقرير..." ، ص 178.


[85] "ه ع م ا"، "، تقرير..." ، ص.45..






[86] قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المؤرّخ في 13 نوفمبر 2011، يتعلّق بالتصريح بالنتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، ر.ر.ج.ت.،15 نوفمبر2012، عدد 87، ص 2729.


[87] "ه ع م ا"، "، تقرير..." ، ص 201 و 202.


[88] إن رئيس الجمهورية المؤقت،
بعد الاطلاع على المرسوم عدد 14 لسنة 2011 المؤرخ في 23 مارس 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية،
وعلى المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 المتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات،
وعلى المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي والمنقح والمتمم بالمرسوم عدد 72 لسنة 2011 المؤرخ في 3 أوت 2011،
وعلى الأمر عدد 1086 لسنة 2011 المؤرخ في 3 أوت 2011 المتعلق بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي،
وعلى قرار الهيئة المركزية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات المؤرخ في 13 نوفمبر 2011 المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي،
وعلى رأي المحكمة الادارية.
يصدر الأمر الآتي نصه :
الفصل الأول ـ يدعى أعضاء المجلس الوطني التأسيسي لحضور جلسته العامة الافتتاحية يوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2011 بالمقر السابق لمجلس النواب بباردو على الساعة العاشرة صباحا.
الفصل 2 ـ إلى حين انتخاب رئيس المجلس الوطني التأسيسي يرأس الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس أكبر الأعضاء سنّا وذلك بمساعدة أصغرهم وأصغرهن سنا.
الفصل 3 :
1ـ يتلو رئيس الجلسة الافتتاحية القائمة النهائية للمنتخبين بالمجلس الوطني التأسيسي.
2 ـ يؤدي أعضاء المجلس الوطني التأسيسي اليمين التالية : "أقسم بالله العظيم أن أقوم بمهامي في المجلس الوطني التأسيسي بإخلاص واستقلالية وفي خدمة الوطن وحده".
الفصل 4 ـ ينتخب المجلس الوطني التأسيسي رئيسا أو رئيسة له ونائبين إثنين للرئيس مع مراعاة التناصف. ويفتح باب الترشحات في الجلسة الافتتاحية. ويتلقّى رئيس الجلسة الافتتاحية الترشّحات ويسجلها ويعلن عنها في الجلسة العامّة.
الفصل 5 ـ يقع انتخاب رئيس المجلس الوطني التأسيسي ونائبيه بالتصويت السرّي وبالأغلبية المطلقة لأعضائه. وفي صورة عدم حصول أيّ مترشح على هذه الأغلبية في الدورة الأولى تنظّم دورة ثانية يتقدم فيها المترشحان المتحصّلان على أكثر الأصوات. ويعتبر فائزا المترشّح المتحصّل على أكثر الأصوات.


الفصل 6 ـ إثر انتخاب رئيس المجلس ونائبيه ترفع الجلسة الافتتاحية. وعند استئناف الجلسات يباشر الرئيس المنتخب ونائباه مهامهم ويعرض الرئيس على المجلس تكوين لجنة اعداد النظام الداخلي ولجنة إعداد التنظيم المؤقت للسلط العمومية.الفصل 7 ـ ينشر هذا الأمر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. تونس في 14 نوفمبر 2011. رئيس الجمهورية المؤقت، فؤاد المبزع.






[89] و بالخاصة جميع أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة الذين لم يتقاضوا أدنى مبلغ من المال بأيّ شكل من الأشكال ، تخفيفا على كاهل الدولة والمواطن في هذه المرحلة الصعبة.

1 commentaire:

  1. Si Yadh. Merci pour cet excellent document qui revêt une double importance juridique et historique.
    A propos du délai de l'année, je trouve si vous me le permettez qu'à votre démonstration, il manque un élément essentiel, à savoir la place de la souveraineté populaire, celle-ci étant la juridiction suprême, vous y avez d'ailleurs insisté pour expliquer la source du droit dans un contexte révolutionnaire qui transcende les démarches et les processus juridiques classiques. Le peuple, lorsqu'il a accepté de se rendre aux urnes, a de fait validé le contenu du décret appelant les électeurs à élir une ANC. Donc, aussi bien, l'objet de l'élection que le délai de l'assemblée constituent des termes essentiels du contrat électoral à travers lequel le peuple a mandaté ses représentants. Nulle juridiction si constituante soit-elle postérieure ne pourrait amender ce qui a fait l'objet d'une expression directe du peuple. Si je reviens au paragraphe de l'accord du 15 sept, sa formulation en langue arabe ne laisse point de doute. Cet accord ainsi que les engagements électoraux sont aussi partie intégrantes du contrat électoral. Donc, le dépassement de l'année est une entorse majeure à la volonté populaire, c'est en fait un coup d'Etat comme vous-m^me l'avez expliqué dans de nombreux entretiens accordés aux médias.

    RépondreSupprimer